الرئيسية عقيدتنا عقيدتنا عقيدتنا في كهنوت جميع المؤمنين

عقيدتنا في كهنوت جميع المؤمنين

(7) عقيدتنا في كهنوت جميع المؤمنين

الكاهن هو إنسان من البشر يكون وسيطاً بين الناس وبين الله ليقدم الذبائح والقرابين والصلوات إلى الله نيابة عن الناس، ليصالح الناس مع الله ويشفع فيهم قدامه. ونحن نجد وظيفة الكاهن فى ديانات كثيرة قديمة مثل ديانة قدماء المصريين وغيرها من الديانات الوثنية.

وفى الديانة اليهودية نجد وظيفة الكاهن، فقد كان نظام الذبائح الطقسى عند اليهود أمراً جوهرياً- وفى الأزمنة السابقة لموسى لم تكن هناك رتبة كهنوتية خاصة بل كان رب الأسرة هو كاهنها، يقدم بنفسه تقدماته عن نفسه وعن أهل بيته. وعلى هذا الأساس قدم هابيل ونوح وابراهيم وأيوب ويعقوب ذبائحهم.

(تكوين4: 4، تكوين8: 20، 21، تكوين12: 7، 8 ، أيوب1: 5، تكوين 31: 54، 33: 20).

أما الشريعة الموسوية فقد نظمت الكهنوت وحصرته فى هرون ونسله من بعده، ووضعت لذلك طقوساً معينة، وكل هذه الطقوس رموز إلى ذبيحة المسيح التى كان الرب قد رتبها لخلاص البشر. ذلك لأن الذبائح الحيوانية ما كان يمكن أن تكفر عن خطية الإنسان، فالله لم يكن يقبل موت الحيوان نيابة عن الإنسان، لكنه كان يقبل دم الذبيحة باعتبارها رمزاً إلى دم المسيح، فان الذبائح نفسها لا تستطيع أن تنزع الخطية، لذلك كان على الكاهن أن يقدم الذبائح مراراً وتكراراً- كما ذكر كاتب الرسالة إلى العبرانيين بقوله: “وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ مِرَاراً كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ.” (عبرانيي10: 11).

لذلك عندما جاء المسيح، كان هو الكاهن الأعظم الذى توسط بين الله والناس، وكان هو الذبيحة، لأنه قدم نفسه فدية عن الخطايا. وكهنوت المسيح أسمى وأعظم من كهنوت اللاويين ( الذين من نسل هرون) نظراً لسمو شخصيته، وخلوه من الخطية، ولسمو ذبيحته وقيمتها غير المحدودة

وفى هذا يقول الكتاب:

“وَأَمَّا الْمَسِيحُ، وَهُوَ قَدْ جَاءَ رَئِيسَ كَهَنَةٍ لِلْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، فَبِالْمَسْكَنِ الأَعْظَمِ وَالأَكْمَلِ، غَيْرِ الْمَصْنُوعِ بِيَدٍ، أَيِ الَّذِي لَيْسَ مِنْ هَذِهِ الْخَلِيقَةِ. وَلَيْسَ بِدَمِ تُيُوسٍ وَعُجُولٍ، بَلْ بِدَمِ نَفْسِهِ، دَخَلَ مَرَّةً وَاحِدَةً إِلَى الأَقْدَاسِ، فَوَجَدَ فِدَاءً أَبَدِيّاً....” (عبرانيين9: 11-14).

وبمجئ السيد المسيح، وتقديمه هذه الذبيحة ذات المفعول الدائم، أصبح الإنسان لا يحتاج إلى كاهن يتوسط بينه وبين الله، بل يستطيع كل إنسان أن يلتجئ إلى الله بالمسيح الحى. وهذا واضح من أقوال الكتاب المقدس الصريحة: “لأَنَّ النَّامُوسَ، إِذْ لَهُ ظِلُّ الْخَيْرَاتِ الْعَتِيدَةِ، لاَ نَفْسُ صُورَةِ الأَشْيَاءِ، لاَ يَقْدِرُ أَبَداً بِنَفْسِ الذَّبَائِحِ كُلَّ سَنَةٍ، الَّتِي يُقَدِّمُونَهَا عَلَى الدَّوَامِ، أَنْ يُكَمِّلَ الَّذِينَ يَتَقَدَّمُونَ. وَإِلاَّ، أَفَمَا زَالَتْ تُقَدَّمُ؟.....لأَنَّهُ لاَ يُمْكِنُ أَنَّ دَمَ ثِيرَانٍ وَتُيُوسٍ يَرْفَعُ خَطَايَا.... وَكُلُّ كَاهِنٍ يَقُومُ كُلَّ يَوْمٍ يَخْدِمُ وَيُقَدِّمُ مِرَاراً كَثِيرَةً تِلْكَ الذَّبَائِحَ عَيْنَهَا، الَّتِي لاَ تَسْتَطِيعُ الْبَتَّةَ أَنْ تَنْزِعَ الْخَطِيَّةَ. وَأَمَّا هَذَا (المسيح) فَبَعْدَمَا قَدَّمَ عَنِ الْخَطَايَا ذَبِيحَةً وَاحِدَةً، جَلَسَ إِلَى الأَبَدِ عَنْ يَمِينِ اللهِ،.... لأَنَّهُ بِقُرْبَانٍ وَاحِدٍ قَدْ أَكْمَلَ إِلَى الأَبَدِ الْمُقَدَّسِينَ.” (عبرانيين10: 1، 2، 4، 11-12، 14).

وبما أن المسيح له وحده عدم الموت لذلك فكهنوته لا يزال إلى الأبد (عبرانيين7: 23، 24) ونحن المسيحيين لا نحتاج إلى كاهن آخر غيره. ومما يؤيد هذه الحقيقة أن العهد الجديد لم يصف الرسل والتلاميذ والقسوس بلفظ “ كاهن” مطلقاً بل إن هذا التعبير” كاهن” كان يطلق على كهنة اليهود فقط.

وما دام المسيحى متحداً بالمسيح إتحاداً روحياً، لذلك فان من حقوقه أن يأتى مباشرة إلى الله بالمسيح دون وساطة أخرى. وبهذا المعنى يكون جميع المؤمنين كهنة لله، أى يتقدمون إلى الله مباشرة، وهذا ما نسميه “ كهنوت جميع المؤمنين”. والكتاب يوضح ذلك صريحاً، أن المسيح جعل شعبه ملوكاً وكهنة لله (رؤيا1: 6، 5: 10) وهم جنس مختار وكهنوت ملوكى وأمة مقدسة (1بطرس2: 9). وبذلك يمكن للمؤمنين أن يقدموا لله ذبائح روحية لا كفارية كالتسبيح وفعل الخير “ فَلْنُقَدِّمْ بِهِ فِي كُلِّ حِينٍ لِلَّهِ ذَبِيحَةَ التَّسْبِيحِ، أَيْ ثَمَرَ شِفَاهٍ مُعْتَرِفَةٍ بِاسْمِهِ.” (عبرانيين12: 15)، “.... لاَ تَنْسُوا فِعْلَ الْخَيْرِ وَالتَّوْزِيعَ، لأَنَّهُ بِذَبَائِحَ مِثْلِ هَذِهِ يُسَرُّ اللهُ.” (عبرانيين13: 16) “ كُونُوا أَنْتُمْ أَيْضاً مَبْنِيِّينَ كَحِجَارَةٍ حَيَّةٍ، بَيْتاً رُوحِيّاً، كَهَنُوتاً مُقَدَّساً، لِتَقْدِيمِ ذَبَائِحَ رُوحِيَّةٍ مَقْبُولَةٍ عِنْدَ اللهِ بِيَسُوعَ الْمَسِيحِ.” (1بطرس2: 5)، وبنفس هذا المقام يمكن للمؤمن أن يصلى لأجل غيره من المؤمنين الأحياء باسم الرب يسوع المسيح (1تيموثاوس2: 1، 2، يعقوب5: 16).