الرئيسية

مارتن لوثر

ولد في 10 نوفمبر 1483م في أيسلبين - مقاطعة ساكسونيا بألمانيا. ووالداه هما يوحنا هانس لوثر ومارجريت زيكلر من منطقة أيزناخ. وقد سمّياه باسم مارتن لأنه وُلد في ليلة عيد القديس مارتن.
في بداية حياته درس فى مدرسة مانسفلد قواعد اللغة اللاتينية، الوصايا العشر، قوانين الإيمان، الصلاة الربانية، الترانيم، الخطابة، المنطق، التاريخ، وعلوم أخرى.

انتقل لوثر إلى مدرسة الفرنسيسكان في مجد بورج التي تعلّم فيها التقشف والزهد والرهبنة وهناك رأي نسخة من الكتاب المقدس لأول مرة (لم يكن مسموحاً للشعب قبل عصر الإصلاح باقتناء الكتاب المقدس)، التحق لوثر بجامعة إرفورت ودرس فلسفات وتعاليم القرون الوسطى وأطلع على كتابات أوكام - سكوتس  توما الاكوينى، وخاض معركة نفسية هائلة بسبب رؤيته للمسيح الذي صورته الكنيسة للناس قاضياً عادلاً ودياناً حتي أنه أصيب بالذعر من انتظار يوم الدينونة ولذلك التجأ  إلي شفاعة القديسين ووقتها سأل شفاعة القديسة العذراء مريم والقديسة حنة... الخ.. في ظروف مختلفة في حياته.
بعد ذلــــك: قرر إرضاء الله بعدما صار أستاذ القانون فى جامعة إرفورت وظن أن أفضل الطرق لإرضاء الله هو الذهاب إلى الدير بعد صلاة وتفكير عميق.
الرهبنة الأوغسطينية: اعتقد لوثر أن الرهبنة ستقود إلى ما كان يبحث عنه (الخلاص) وكان الدافع هو الخوف من غضب الله ودينونته وكانت رهبنته في دير القديس أوغسطينوس حيث أقام أول قداس بعد سيامته راهباً في 2 مايو 1507 كما اجتهد في حياة الرهبنة وصعوباتها فقد قال «لو كان للراهب أن ينال السماء بأعماله الرهبانية لكنت أول نائليها. أذ اعتقد أنه بأعماله الحسنة وصلواته وأصوامه وإذلاله لنفسه سوف يرث الحياة الأبدية، وتأثر لوثر مبدئياً بقول قانون الإيمان «أؤمن بغفران الخطايا» وشعر أن الله لا يدين فقط بل يغفر الخطايا أيضاً ولكن كانت مشاكل لوثر الروحية:
الخوف من الله والخطية وقد شجعه مرشده الروحي الدكتور ستوبيتز (عميد كلية لاهوت فيتمبرج) أن يثق فقط في محبة الله لكنه واجه مشكلة الاختيار وهل أعماله وصلاحه يجعلانه من المختارين كما وجّه الدكتور ستوبيتز نظر لوثر إلى جروح المسيح والتمسّك بمحبة الله.
وقد ذهب لوثر وهو أستاذ جامعي في زيارة إلى روما من أجل قضية النزاع الخاص بالأديرة الأوغسطينية. وعزم أن يستفيد من زياراته بأن يعترف في كنيسة روما وينال بركة عن طريق ذخائر القديسين (بقايا رفات القديسين أو أجزاء من أمتعتهم) ولكنه فوجىء بحياة البذخ لرهبان روما ومع ذلك استمر في حياة الزهد حتى يحصل علي أكبر عدد من الغفرانات وينال الخلاص.
وفى 19 أُكتوبر 1511 حصل لوثر على الدكتوراه في العلوم اللاهوتية وصار أستاذًا وواعظًا في جامعة فيتمبرج، وأثناء دراساته وأبحاثه وصل إلى قمة اليأس الذي قاده إلى الاكتشاف العظيم وهو حقيقة التبرير بالإيمان «أَمَّا الْبَارُّ فَبِالإِيمَانِ يَحْيَا» (رو 1: 17) وهكذا بنور كلمة الله وُلد لوثر ثانياً وفهم أن الأعمال الصالحة لا تعطى الخلاص بل هي ثمرة الخلاص بالإيمان.
وظل لوثر يخدم كنيسته منذ اكتشافه العظيم لبر الله سنة 1514 إلى سنة 1517 وحتى ظهور بدعة صكوك الغفران، (الفكرة التي ظهرت أيام الحروب الصليبية) وقد منحها البابوات للذين يذهبون للحرب أو الأماكن المقدسة أو المساهمين  فى أعمال البر من حسنات القديسين الزائدة عليهم فكانت الحسنات الزائدة تودع في كنز الكنيسة (الأعمال الحسنة الزائدة) وبعدها صارت تجارة رابحة (ومن تجار صكوك الغفران يوحنا تتزل وقد أدّعي تجارها أنها تمنح الحياة الأبدية وتغفر الخطايا وتُخرج النفوس من المطهر مقابل مبلغ من المال)  ومن طرائفها قبول ماينس رئيس الأساقفة عرض البابا ليون العاشر ما يعادل نصف صكوك الغفران للمشاركة في مشروع بناء كنيسة القديس بطرس 1516م، وقد قسّمت صكوك الغفران إلي نوعين:  صكوك للأحياء: عند الندم والاعتراف أمام الكاهن. صكوك للأموات: عند الحصول على تحرير النفوس من المطهر.
الاحتجاجات: من خلال رؤية لوثر لكل هذه المآسي وبعد أن قضى لوثر أوقات طويلة في الصلاة جلس وكتب 95 احتجاجاً على هذه الأمور وعلّقها في 31 أكتوبر 1517 على باب كاتدرائية وتمبرج (تاريخ بداية انطلاق الإصلاح):
وقد أعلن لوثر للشعب أن دخول السماء بالتوبة الحقيقية وقبول الرب يسوع المسيح كمخلص.
وقد ثارت ألمانيا وإيطاليا بسبب هذه الاحتجاجات وأرسل البابا ليون العاشر الكاردينال كاجيتان مُمثَله لمقابلة لوثر في 12 أكتوبر 1518. وطلب الكاردينال من لوثر أن يتراجع عن أقواله فقط دون مناقشة ولكن لوثر أصّر على مناقشة أقواله (كتابياً ومن أقوال الآباء المتفقين مع كلمة الله)، وقد صدر الأمر بالقبض عليه وتسليمه إلى البابا في روما. وفي يوم 15يونيو 1520 صدر القرار المهدد بحرمان لوثر أذا لم يعترف بأخطائه خلال 60 يومًا. وفى 23يونيو صدر القرار بحرمان لوثر من الكنيسة الكاثوليكية الجامعة.
كتابات لوثر:
1) كتيب بعنوان «إلى الأمة المسيحية الألمانية النبيلة»: قال فيه أن روما وضعت ثلاثة حواجز لتحتفظ بسلطانها في ألمانيا.
1) الحاجز الأول: السلطان الروحي من البابا الذي نفاه لوثر وقال إنّ مجئ المسيح غيّر أوضاع كاهن العهد القديم لأن المسيح هو الكاهن والذبيحة في العهد الجديد وقال إنه لا يوجد فرق بين الإكليروس والشعب (كلنا ملوك وكهنة).
2) الحاجز الثاني: هو حق احتفاظ الإكليروس بتفسير الكتاب وقال إن تفسير الكتاب من حق كل مؤمن يتعامل معه روح الله.
3) الحاجز الثالث: وهو الادعاء بأن البابا وحده له حق في دعوة المجمع وقال إن أول دعوة لأول مجمع هو من الرسل أجمعين وليس من الرسول بطرس وحده.
2) الكتيب الثاني «الأسر البابلي للكنيسة»: تكلم فيه عن نظرية التحول رافضاً إياها وقال إن الحلول هو حلول المسيح في الخمر والخبز مع بقاء المادة الأصلية لكل منهما مثل اللاهوت عندما حلّ في الناسوت لم يتغير الناسوت بل بقي كما هو محتفظاً بطبيعته. وفاعلية العشاء الرباني ليس في فاعليته (كسرّ) بل على روح الله في الشخص الذي يقبلها.
3) الكتيب الثالث «الحرية المسيحية»: المسيحي إنسان حرّ وسيد لكل الأشياء ولا يستعبد لأحد والمسيحي خادم مطيع للجميع ولم يرفض لوثر الأعمال الصالحة بل شّدد عليها لكنه قال إن الأعمال الصالحة لا تجعل الإنسان صالحاً ولكن الإنسان الصالح هو الذي يعمل الأعمال الصالحة.
 وفى مواجهته لمجلس الأمة (الدايت) في ورمس أكبر هيئة حاكمة في ذلك الوقت رفض ترك مبادئه. وقال إن الكتب التي ألفهّا ثلاثة أنواع:
1) نوع عالج مواضيع الإيمان المسيحي وقد قبلها الأصدقاء والأعداء. فكيف ينكرها؟
2) نوع عالج فساد الأوضاع المسيحية على يد الباباوية. وكيف يتراجع عنها؟
3) نوع نقد الأشخاص المشتركين فى أعمال الظلم ضد العقيدة المسيحية. وكيف يتركها؟
وقال ما مجمله أن ضميري لا يخضع إلا للكتب المقدسة وليس للبابوات الذين حكم بعضهم على بعض أو المجامع التي ارتكبت أخطاء. وبسبب هذه الكتابات ثارت مدينة ورمس بشدة
 وخوفاً على حياته هرّبه بعض أصدقائه إلى قلعة الفارتبورج وغيّروا اسمه إلى الفارس جورج وهناك عكف على ترجمة الكتاب المقدس باللغة الألمانية من اللغة اليونانية بمساعدة صديقه ملانكثون، وقد أعلن لوثر أنه لن يقاوم البابا وسلطته بالعنف والسيف بل بالكلمة المكتوبة.
ولكن الفلاحين الألمان قد فهموا خطأً رسالة لوثر السلمية فقاموا بثورة عنيفة على الأمراء والنبلاء بهدف الحرية والمساواة ودعموا طلباتهم من كلمة الله وذهب لوثر لمقابلتهم فى ساحة القتال ليقنعهم أن يعدلوا عن الحرب وفشل وقد راح ضحية هذه الحرب مائة ألف نفس.
وأما عن حياته العائلية: فقد تزوج لوثر من كاثرين هانزفون وكانت راهبة في دير نيمبتش في ساكسونيا بألمانيا في 13 يونيو 1525. وأنجب يوحنا في 7 يونيو 1526 وأليزابيث في 10 ديسمبر 1527 ومجدلين فى 27 ديسمبر 1529 ومارتن في 9 نوفمبر 1531 وبولس في 28 يناير 1533 ومارجريت فى 17 ديسمبر 1534. وكان يقضى وقتاً طويلاً مع أطفاله فى الحديث معهم والإصغاء إليهم وكتب لهم كثيراً من القصص المُسلية.
ولسبب مواجهته هو وأتباعه لمجلس الأمه (الدايت) الذي طالب بتنفيذ قرارات ورمس (محاكمة لوثر وأتباعه) دُعى اللوثريون بروتستانت (Protestant) والمعنى هو المحتجون أو الواقفون في صف الشهادة (We Protest) ضد الظلم والطغيان والاستبداد الديني القامع لحرية العقل والضمير والاعتقاد المبني على الكتاب المقدس وحده وذلك فى سيبرس -مارس 1529.
وفي اجتماع ماربورج حول مشكلة العشاء الرباني قبل لوثر بعقيدة أن المسيح موجود حقيقة لحماً ودماً في الخبز والخمر ولكنه رفض نظرية التحول (عقيدة الكنيسة الكاثوليكية) رفضاً تاماً ولم يقبل أن العشاء الرباني مجرد ذكري (رأي زونجلي) وتم الاتفاق على الآتي:
1) العشاء الرباني ليس ذبيحة.
2) العناصر (الخبز والخمر) لا تتحول إلى جسد ودم المسيح.
3) الاستفادة الحقيقية للعشاء الرباني تكون بالإيمان.
4) العشاء الرباني هو إعلان للخبر السار.
واختلفوا في اعتقاد لوثر في الحضور الحقيقي للمسيح لجسده ودمه في العناصر وأيضًا زونجلي الذي اعتقد بأن حضور الرب موجود فعلياً في اجتماع المؤمنين حول العشاء الرباني.
وبعد كل هذا أخيراً انعقد مجمع أوكسبورج سنة 1530 كاثوليك وبروتستانت معاً وحوى إقرار الإيمان على 28 بند. واتفق الطرفان على 21 بند منه وأخيراً في 11 أكتوبر 1530 كتب ملانكثون صديق لوثر إقرار الإيمان الأول في تاريخ الكنيسة اللوثرية حتى الآن.
رحيله: وفي النهاية انطلق لوثر للمجد ليكن مع المسيح فى 18 فبراير 1546 فى مدينة إيسلبين.