الرئيسية شخصيات شخصيات كتابية سمعان بن يونا

سمعان بن يونا

سمعان بن يونا، الصخرة، على اعتبار ما سيكون!

- هو سمعان بن يونا مت 16: 17 ، وهو أخو أندراوس يو 1: 40-41 . وهما من أسرة تنحدر من مدينة " بيت صيدا " يو 1: 44 ، لكنه لمَّا تزوج انتقل وأخوه أندراوس للسكن والإقامة فى " كفر ناحوم " يو 1: 44 ، مر 1: 21 ، 29-30 ، وكانا يعملان فى مهنة صيد السمك مت 4: 18 .

- لم يتلق سمعان تعليماً مدرسياً أو دينياً رسمياً " فلمَّا رأوا مجاهرة بطرس ويوحنا ، ووجدوا أنهما إنسانان عديما العلم ، وعاميَّان ، تعجَّبوا ! فعرفوهما أنهما كانا مع يسوع " أع 4: 13 . وربما اعتمد فقط على ما تعلمه وهو صغير من أجزاء من الناموس والأنبياء من ذهابه إلى المجمع فى أيام السبت . هذا بالإضافة إلى أن معيشته فى " الجليل " ، جليل الأمم ، مَكَّنته من التحدُّث باليونانية كما يتحدث بالآرامية .

 

- فى ديسمبر سنة 26م ( زمان دعوته الأولى ) : تبدأ حياة سمعان الحقيقية وذلك عندما أتى به أخوه أندراوس إلى يسوع ، وحينئذ " نظر إليه يسوع وقال : أنت سمعان ( اسم عبرانى ) بن يونا . أنت تُدْعَى ( أى سوف تصبح ) صفا ( اسم آرامى أو سورى ) ، الذى تفسيره بطرس ( صفة يونانية ) " يو 1: 41-42 . وهنا لابد أن ننتبه إلى ثلاثة أمور :

 

أ‌. إن كلمة " نظر " فى الأصل اليونانى هى نفس الكلمة التى وردت عند نظر الرب إلى بطرس وقت محاكمته فى دار رئيس الكهنة " فالتفتَ الرب ونظر إلى بطرس " لو 22: 61 . إنه النظر العميق إلى النفس ، القادر أن يوقظها من إنكارها لإلهها !

 

ب‌. إن اسم هذا التلميذ هو " سمعان " ، وليس " بطرس " ، لكن الرب أطلق عليه الاسم الآرامى " صفا " ويعنى حجر ، والذى يقابله فى اليونانية " بطرس " ويعنى " صخرة " على اعتبار ما سيكون ! أى أن هذا الرجل أتى وهو " سمعان " ، وباتِّبَاعه يسوع صار " بطرس " !

 

ت‌. إن الخطوة الأولى التى قام بها الرب لتحويل " سمعان " إلى " بطرس " هو أن وضع ثقته فيه قبل أن يتكلم سمعان معه ، وذلك عندما قال له " أنت سمعان بن يونا . أنت تُدْعَى صفا ، الذى تفسيره بطرس ( هذه العبارة الأخيرة لم يقلها يسوع ، ولكنها تفسير من يوحنا بن زبدى كاتب الإنجيل ) " .

 

- ثم حضر بطرس بعد ذلك مباشرة ( بالإضافة إلى أندراوس ، وابنى زبدى ، وفيلبس ، وبرثولماوس الذى هو نثنائيل ) مع يسوع عُرْس قانا الجليل ( وتقع على بعد 7 ميل شمال الناصرة ) . وكان ما صنعه المسيح من تحويل الماء إلى خمر بدون أن ينطق بكلمة ما دعا تلاميذه ، ومن بينهم سمعان ، إلى الإيمان أكثر به يو 2: 1-12 .

 

- وفى شتاء سنة 28م فى كفر ناحوم ( زمان دعوته الثانية ) : فى ذلك الوقت كان بطرس قد انتقل هو و زوجته وأخوه أندراوس من " بيت صيدا " إلى السكن فى " كفر ناحوم " مت 8: 5 ، 14 ، مر 1: 28-30 . وهناك قدَّم يسوع دعوته الثانية لبطرس مت 4: 18-22 ، مر 1: 16-20 ، لو 5: 1-11 ، أى بعد سنة من الدعوة الأولى . لكن هذه الدعوة الثانية ارتبطت بِصُنْع يسوع لمعجزة صيد السمك الوفير لو 5: 1-11 ، مت 4: 18-22 ، مر 1: 16-20 . كان بطرس وقتئذ قد تعب الليل كله فى الصيد ولم يُمْسِك شيئاً ، فقال له يسوع : " اُبْعُد إلى العُمْق ، وألقوا شباككم للصيد " لو 5: 4 ، ولابد أن بطرس شعر بأنه سيكون أُضحوكة فى أفواه الذين على الشاطئ ، لا سيما من الصيادين مثله ، لأن الصيد فى ضوء النهار هو الوقت غير المناسب لصيد السمك . لذلك عندما قال بطرس ليسوع " قد تعبنا الليل كله ، ولم نأخذ شيئاً ، ولكن على كلمتك أُلقى الشبكة " ع5 لم يقل ذلك بلهجة الإيمان والطاعة ، بل بلهجة " أنا أعلم أنه ليس الوقت المناسب للصيد ، ولكن إذا كنت تقول ذلك ، وأنت ليس لك خبرة فى صيد السمك ، فها أنا ألقى الشبكة ، وليكن ما يكون ! " .

ولمَّا حدث عكس ما توقعه بطرس زاد إيمانه بيسوع ، إلى الدرجة التى شعر فيها بنجاسته فى حضرة القدوس ( كما حدث مع إشعياء الذى قال وهو فى حضرة الرب " وَيْلٌ لى إنى هلكتُ ؛ لأنى إنسان نجس الشفتين ، وأنا ساكن بين شعب نجس الشفتين ، لأن عينيَّ قد رأتا الملك رب الجنود " إش 6: 5 ) ، وهذا ما دعاه لأن يسجد عند ركبتى يسوع ويقول له " اُخرج من سفينتى يارب ؛ لأنى رجل خاطئ " ع8 . وساعتها طمأنه الرب قائلاً له " لا تخف . من الآن تكون تصطاد الناس ( أى تصطادهم فى الوقت الذى تراه أنت غير مناسب للصيد ، كما ظننتَ مع السمك ) " ع10 !

 

وهذه الحادثة السابقة أوردها البشير متى ومرقس دون الإشارة إلى تلك المعجزة ، ولكنهما لخَّصا الحادثة فى قول يسوع لبطرس وأندراوس " هلم ورائى ، فأجعلكما صيادى الناس . فللوقت تركا الشِبَاك وتبعاه " مت 4: 19-20 .

 

- وفى صيف سنة 28م فى كفر ناحوم ( زمان دعوته الثالثة ) : أى بعد حوالى ستة أشهر من زمان دعوته الثانية ، قام يسوع بدعوة كل تلاميذه ، وبعد قضائه ليلة فى الصلاة ، قام باختيار اثنى عشر رسولاً منهم ليكونوا مُرافقين دائمين له مت 10: 2 ، مر 3: 13-19 ، لو 6: 12-19 .

 

- وفى خريف سنة 28 ، فى بحر الجليل : كانت معجزة إسكات يسوع للعاصفة التى كانت فى البحر ، بينما كان بطرس هو رَبَّان تلك السفينة ، ولكن لمَّا كانت الأمور تفوق قدرة بطرس ومَنْ معه ، حان الوقت ليقوم المعلم ، لأنه الوحيد الذى يستطيع أن يُسكتها " ثم قام وانتهر الرياح والبحر ، فصار هُدُوٌّ عظيم . فتعجَّب الناس قائلين : أىُّ إنسان هذا ؟ فإن الرياح والبحر جميعاً تُطيعه " مت 8: 23-27 .

 

- وفى ربيع سنة 29م ، فى الجهة الشمالية الشرقية من بحر الجليل : بعد قيام يسوع بمعجزة إشباع الخمسة الآلاف ، طلب من تلاميذه أن يدخلوا السفينة ويسبقوه إلى الناحية الأخرى من البَرّ إلى أن يصرف الجموع ، ثم صعد يسوع للصلاة على الجبل ، ولمَّا صارت السفينة فى وسط البحر مُعَذَّبة من الأمواج لأن الريح كانت مضادة ، ورأى يسوع حيرتهم ( ! ) ، نزل من الجبل ومشى على المياه ، وظنه التلاميذ أنه خيال ( ! ) ، ولمَّا طمأنهم أنه هو المعلم ، وذلك من صوته ، حينئذ طلب منه بطرس أن يأمره بأن يأتى إليه ، فأمره ، فسار بطرس على الماء ، ولما نظر إلى شدة الأمواج وحَوَّل عينيه عن يسوع ابتدأ يغرق ، ساعتها صرخ بطرس " يارب نجنى " فنجَّاه مت 14: 22-33 .

 

- فى صيف 29م فى نواحى قيصرية فيلبس ( وتبعد 25 ميلاً شمال شرق بحر الجليل ) : إن حادثة الاعتراف العظيم فى قيصرية فيلبس ، لها خلفية هامة وهى أن هيرودس الكبير الذى بنى هيكل الله فى أورشليم كان قد بنى في قيصرية فيلبس هيكلاً لعبادة قيصر من الرخام الأبيض ، تَيَمُّناً باسم القيصر فيليب ، وتمييزاً لها عن مدينة قيصرية التى على ساحل البحر الأبيض . وكانت قيصرية فيلبس تُدْعَى قبلاً " بانياس " على اسم إله الرعاة عند اليونان . إذاً المدينة لها وجه يونانى متمثل فى إله الرعاة " بان " ، ولها وجه رومانى متمثل فى عبادة قيصر ، بالإضافة إلى وجود 14 هيكلاً وثنياً منتشرين فى أرجاء المدينة . لذا كان من الضرورى أن يتساءل الرب عن رأى الناس فيه " مَنْ يقول الناس إنى أنا ، ابن الإنسان ؟ " مت 16: 13 . حينئذ " أجاب سمعان بطرس وقال : أنت هو المسيح ابن الله الحي " ع16 . وهنا كانت إشارة الرب لسمعان بالصخرة " أنت بطرس ( فى اليونانية petrosوتعنى صخرة ) ، وعلى هذه الصخرة ابنى كنيستى " مت 16: 18 . وبكل تأكيد كان الرب يقصد بالصخرة ليس سمعان كشخص وقدرات روحية أو عقلية ، بل الإعلان الذى أعلنه له الآب عن يسوع " طوبى لك يا سمعان بن يونا . إن لحماً ودماً لم يُعْلِن لك ، لكن أبى الذى فى السموات " ع17 .

ولا يمكن تفسير قول الرب لسمعان " أنت بطرس ، وعلى هذه الصخرة أبنى كنيستى " على أنه تمييز لسمعان عن كافة الرسل بكونه أساس كنيسة المسيح وذلك لأن :

أ‌. بولس الرسول يقولها واضحة " لا يستطيع أحد أن يضع أساساً آخر غير الذى وُضِعَ ، الذى هو يسوع المسيح " 1كو 3: 11 .

 

ب‌. وحتى عندما قال الرب لبطرس " وأعطيك مفاتيح ملكوت السموات ( الكنيسة على الأرض ، بما فيها من زوان وحنطة مت 13 ) . فكل ما تربطه على الأرض يكون مربوطاً فى السموات ... " ع19 ، لم يقصر الرب على بطرس هذا الأمر بل قاله أيضاً لتلاميذه " الحق أقول لكم : كل ما تربطونه على الأرض يكون مربوطاً فى السماء . وكل ما تحلونه على الأرض يكون محلولاً فى السماء " مت 18: 18 .

وعموماً فإن مهمة المفتاح هى أن يدور فى القفل ويفتح الباب ، وهذا يعنى أن بطرس والتلاميذ لهم هذا الامتياز أن يفتحوا أبواب ملكوت السموات . وبالفعل فتح بطرس الباب أمام اليهود فى يوم الخمسين أع 2: 38-42 ، وأمام السامريين أع 8 ، وهو أول مَنْ فتح باب الإيمان للأمم فى بيت كرنيليوس أع 10 .

 

وفى نواحى قيصرية فيلبس ، فى صيف سنة 29م ( التجلى ) :

 

- يقول البشير لوقا " وبعد هذا الكلام ( عن آلامه ورفضه من شيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ، وموته ، وقيامته فى اليوم الثالث ع22 ) بنحو ثمانية أيام ، أخذ بطرس ويوحنا ويعقوب ، وصعدَ إلى جبل ، ليُصَلِى . وفيما هو يصلى صارت هيئة وجهه متغيرة ، ولباسه مُبْيَضاً لامعاً " لو 9: 28-29 .

والسؤال هنا هو : ماذا كان موضوع صلاة يسوع ، والذى نتج عنه ذلك التجلى الإلهى ليسوع ، وظهور موسى وإيليا معه ؟

 

- إن يسوع الذى كان يشعر فى ذلك الوقت بالرفض الشديد من قادة الأمَّة الإسرائيلية ، كان يتضرع فى صلواته للآب أن يعلن لتلاميذه الثلاثة حقيقة شخصه ، التى كان الآب قد بدأ للتو فى إعلانها لسمعان بن يونا فى قيصرية فيلبس " ... أنت المسيح ابن الله الحى . فأجاب يسوع وقال له : طوبى لك يا سمعان بن يونا ، إن لحماً ودماً لم يُعْلِن لك ، لكن أبى الذى فى السموات " مت 16: 16-17 . وبعد هذا الإعلان المجيد عن ألوهية يسوع المسيح ، بدأ يسوع يُعَلِم تلاميذه أمراً بدا أنه مُناقِضاً لهذا الإعلان " أنه ينبغى أن يذهب إلى أورشليم ، ويتألم كثيراً من الشيوخ ورؤساء الكهنة والكتبة ، ويُقْتَل ( !؟!؟ ) وفى اليوم الثالث يقوم " مت 16: 21 . فكان التساؤل الذى حار التلاميذ فيه هو : إذا كان يسوع هو المسيح ابن الله الحى ، فكيف يمكن لله الظاهر فى الجسد أن يموت ؟

إن هذا هو ما دعا بطرس إلى أن ينتهر يسوع قائلاً له " حاشاك يا رب . لا يكون لك هذا " ع21-23 ! لكن يسوع انتهر بطرس بشدة وقال له " اذهب عنى يا شيطان ! أنت معثرة لى ... " ع23 !!

 

- ويبدو أن يسوع قد شعر أن تلاميذه يَصْعُب عليهم فهم هذه الأحجية ، ومن هنا كانت صلواته للآب السماوى ليبرهن بالدليل القاطع على صِحَّة الإعلان الذى أعطاه لبطرس فى قيصرية فيلبس . واستلزمت البرهنة إثبات أمرين أساسيين وهما :

 

1. أن يسوع هو المسيح ، ابن الله الظاهر فى الجسد .

2. أن ابن الله الظاهر فى الجسد سيتألم ويموت بالجسد فداءً لشعبه .

 

- فأخذ يسوع من تلاميذه بطرس ( ويعقوب ويوحنا ) ، وصعد بهم إلى جبل عالٍ منفردين ، ليرفع هاتين الطِلبتين للآب . وكان أن استجاب الآب للطِلبتين " وفيما هو يصلى ( 1 ) صارت هيئة وجهه متغيرة ، ولباسه مُبْيَضاً لامعاً . ( 2 ) وإذا رجلان يتكلمان معه ، وهما موسى وإيليا " ع29-30 . ولأن يسوع " إذ كان فى صورة الله ، لم يحسب خُلسة أن يكون مُعَادِلاً لله . لكنه أخلى نفسه ، آخذاً صورة عبد ، صائراً فى شِبْه الناس ... " في 2: 6-7 ، سمح الآب بتجليه النورانى الإلهى المجيد ، وكان هذا إثباتاً لإلوهية يسوع . كما أرسل الآب كل من موسى الذى كان قد مات قبل ذلك الوقت ب 1400 سنة ، وهو يمثل شهادة الناموس ( الذى هو الأسفار الخمسة الأولى من العهد القديم ) بأن المسيا الإله سيتألم ويموت ، وإيليا الذى نُقِلَ إلى السماء قبل ذلك الوقت ب 900 سنة ، وهو يمثل شهادة أنبياء العهد القديم فى ذات الشأن لو 24: 25-27 ، أع 3: 17-26 ، وذلك لإثبات أن ابن الله الظاهر فى الجسد ، هو المسيا ، الذى سيتألم ويموت فداءً لشعبه ، وقد لُوحِظَ هذا المعنى فى كلام موسى وإيليا مع يسوع ، وسماع التلاميذ الثلاثة لهذا الكلام " وبعد ستة أيام أخذ يسوع بطرس ويعقوب ويوحنا أخاه ، وصعد بهم إلى جبل عالٍ منفردين . وتغيرت هيئته قدامهم ، وأضاء وجهه كالشمس ، وصارت ثيابه بيضاء كالنور . وإذا موسى وإيليا قد ظهرا لهم يتكلمان معه " مت 17: 1-3 ، " اللذان ظهرا بمجد ، وتكلما عن خروجه ( موته مصلوباً خارج أورشليم عب 13: 11-12 ) الذى كان عتيداً أن يُكَمِله فى أورشليم " لو 9: 31 .

 

- ثم كانت الشهادة الثانية الدامغة من الآب بألوهية يسوع ، وبأنه واحد مع الآب فى الجوهر ، لمَّا قال للثلاثة التلاميذ " هذا هو ابنى ( مز 2: 7 ) الحبيب الذى به سررتُ . له اسمعوا " ع5 . وهى الشهادة التى سمعها يوحنا المعمدان من السماء مت 4: 17 ، لكن الثلاثة الرسل ، الصيَّادين ، رأوا وسمعوا ما هو أعظم وأمجد مما رآه يوحنا المعمدان بن زكريا الكاهن !

 

- وهذه هى قيمة بطرس بن يونا وهو :

 

1. أنه من أوائل التلاميذ الذين أدركوا بالدليل القاطع أن يسوع هو الله الظاهر فى الجسد ، الذى سيموت ليفدى شعبه من خطاياهم .

2. أنه تأكد من هذا بشهادة شاهدين موسى وإيليا ، أعظم أنبياء العهد القديم !

3. أنه أخذ وصية من الآب بأن يسمع ويصدق ما قاله ويقوله يسوع " له اسمعوا " مت 17: 5ب .

 

- وياللعجب فإن الذى رآه بطرس متجلياً على الجبل ، وواقفاً بين موسى وإيليا ، هو الذى أنكره بطرس ثلاث مرات قبل صلبه !!

 

- وفى صيف سنة 29م فى كفر ناحوم : كانت المعجزة الخاصة بدفع ضريبة الهيكل ، ولم يكن مع يسوع ولا بطرس أية نقود . ووقتها أمر يسوع بطرس بأن يذهب إلى البحر ويلقى بصنارة ، وسوف يصطاد سمكة يكون فى فمها نفس المبلغ المطلوب عنه وعن المعلم مت 17: 24-27 !

 

- فى مارس سنة 30م ، فى بيرية : لمَّا قال بطرس ليسوع " ها نحن قد تركنا كل شئ وتبعناك ، فماذا يكون لنا ؟ " مت 19: 27 ، لم يكن بطرس مُدْرِكاً فى حقيقة الأمر مَنْ هو الشخص الذى ترك كل شئ بالحقيقة !؟ إنه يسوع الذى إذ كان فى صورة الله ، لم يحسب خلسة أن يكون مُعَادلاً لله ، لكنه أخلى نفسه ، آخذاً صورة عبد ... وإذ وُجِدَ فى الهيئة كإنسان ، وَضَعَ نفسه وأطاع حتى الموت ، موت الصليب في 2 !!!

 

- وفى مساء الخميس من أسبوع الآلام أبريل سنة 30م كانت الأحداث الآتية :

 

1. أكل الفصح ومشاجرة بين الرسل فى مَنْ منهم يكون الأكبر مت 26: 20 ، مر 14: 17 ، لو 22: 14-18 ، 24-30 .

 

2. يسوع يغسل أرجل التلاميذ التى رفض فيها بطرس أن يغسل يسوع رجليه ! يو 13: 1-20 .

 

3. يسوع يشير إلى الخائن ، ومعرفة يوحنا به ، لكنه لم يبح بالسِرّ إلى بطرس ، وخروج يهوذا مت 26: 21-25 ، مر 14: 18-21 ، لو 22: 21-23 ، يو 13: 21-35 .

 

4. تحذير الرب لبطرس مُقَدَّماً من أن الشيطان مزمع أن يجرب الأحد عشر ، بما فيهم بطرس ، وحدد يسوع لبطرس نوع التجربة التى سيجتاز فيها قائلاً له " سمعان سمعان : هوذا الشيطان طلبكم لكى يغربلكم كالحنطة . ولكنى طلبتُ من أجلك لكى لا يفنى إيمانك . وأنت متى رجعتَ ثَبّت إخوتك . فقال له : يارب إنى مستعد أن أمضى معك حتى إلى السجن وإلى الموت . فقال أقول لك يا بطرس : لا يصيح الديك اليوم قبل أن تنكر ثلاث مرات أنك تعرفنى " لو 22: 31-34 . لكن بطرس كان يثق فى نفسه أكثر مما ينبغى ، فقال ليسوع " ولو اضطررتُ أن أموت معك ، لا أنكرك " مت 26: 35 !

 

5. رسم العشاء الربانى مت 26: 26-29 ، مر 14: 22-25 ، لو 22: 19-20 ، 1كو 11: 23-25 !

 

6. اصطحاب الرب بطرس ويعقوب ويوحنا إلى بستان جثسيمانى ليروا جهاده الروحى فى مواجهة الحروب الروحية الرهيبة قبل الصليب ، لكن بطرس كان نائماً فلم يعِ الدرس مت 26: 36-46 ! ولمَّا قُبِضَ على يسوع تهور بطرس وقطع أذن ملخس عبد رئيس الكهنة بالسيف يو 18: 10-12 ، ثم هرب ، ثم تبع يسوع إلى دار رئيس الكهنة ، ثم أنكر معرفته بيسوع ثلاث مرات !!!

 

7. وفى صباح أحد يوم القيامة كان بطرس ويوحنا هما أول مَنْ أخبرتهما المجدلية عن القبر الفارغ ( لاحظ أن محبة يوحنا لبطرس لم تفتر ، على الرغم من إنكار الأخير ليسوع ثلاث مرات ! ) ، فركضا إلى هناك . وعلى الرغم أن يوحنا سبقَ بطرس إلى القبر إلا أنه لم يدخل ، لكن بطرس هو الذى دخل ونظر الأكفان موضوعة مت 24: 12 ، يو 20: 3-10 .

 

8. الرب يظهر لبطرس 1كو 15: 5 ، ثم لتلميذى عمواس مر 16: 12-13 ، ، لو 24: 34 .

 

- وفى مايو سنة 30م فى الجليل ، على بحيرة طبرية : كانت هذه الأحداث المتتابعة :

 

1. معجزة صيد سمك كبير ( يو 21: 1-14 ) : وقد أجراها يسوع فى وَضَح النهار ، وهوالوقت غير المناسب لصيد السمك " ولمَّا كان الصبح وقف يسوع على الشاطئ . ولكن التلاميذ لم يكونوا يعلمون أنه يسوع " ، فناداهم يطلب منهم غموساً ، أى سمكاً ، قائلاً " يا غلمان ، ألعل عندكم إداماً ؟ " ع5 . وكان التلاميذ قد ظنوه رجلاً جليلياً يريد أن يشترى سمكاً لغدائه !

ولمَّا " أجابوه : لا " ، قال لهم يسوع " ألقوا الشبكة إلى جانب السفينة الأيمن فتجدوا " ع6 . وقد فعل التلاميذ ذلك ليس لأنهم عرفوا أنه يسوع ، ولكن لأنهم ظنوا أن هذا الرجل قد لمح من مكانه على الشاطئ تموُّجات فى الماء أو علامات أخرى دلته على وجود سمك فى ذلك الموضع المعيَّن ! ولمَّا اصطادوا سمكاً كثيراً انفتحت عينى يوحنا بن زبدى وعَلِمَ أنه الرب ، وقال ذلك لبطرس " فقال ذلك التلميذ الذى كان يسوع يحبه لبطرس : هو الرب " ع7 . وعندها ارتدى بطرس ثوباً لأنه كان عُرياناً ، وألقى بنفسه فى البحر ( أى أن الذى صرخ ذات مرة : يا رب نجنى ، كان يُجيد السباحة ! ) سابحاً فى اتجاه الشاطئ مسافة 200 ذراع ( 95 متراً ) .

ولمَّا وصل الستة التلاميذ إلى الشاطئ – قبل بطرس - وهم يَجُرُّون شبكة السمك ، وجدوا الرب وقد أعَدَّ " جَمْراً ، و سمكاً موضوعاً عليه ، وخبزاً " ع9 !!! إن هذا السمك المشوى على الجمر لم يكن من السمك الذى اصطاده التلاميذ ، لأنه حتى هذه اللحظة لم يكن التلاميذ قد أخرجوا الشِبَاك من الماء ، لذلك قال لهم يسوع " قَدِموا من السمك الذى أمسكتم الآن " ع10 . وفى هذه اللحظات كان بطرس قد وصل إلى الشاطئ ، وسمع تلك الكلمات " فصعد ( من الماء ) سمعان بطرس وجذب الشبكة إلى الأرض ، ممتلئة سمكاً كبيراً ، مئة وثلاثاً وخمسين ... " ع10-11 . وقد بلغ من كِبَر حجم السمك أن اهتم التلاميذ بِعَدّه فوجدوه 153 . وإذا أخذنا تعليق يوحنا فى الاعتبار " ومع هذه الكثرة لم تتخرق الشبكة " نجد أن المعنى المراد هو : أن كل السمك الذى اصطاده الرسل ، وصل إلى الشاطئ ، من غير أن يسقط منه شئ !

ثم دعا الرب تلاميذه للغداء " هلموا تغدوا " ع12 ، لكن التلاميذ ظلوا مترددين من الاقتراب إلى الغداء لتَهَيُّبِهم من شخص الرب ، لذلك " جاء يسوع ، وأخذ الخبز ، وأعطاهم ، وكذلك السمك " ع13 .

 

2. يسوع يأتمن بطرس على رعيته ( ع 15-17 ) : وبعد الغداء سأل الرب سمعان بن يونا ثلاثة اسئلة " يا سمعان بن يونا ، أتحبنى أكثر من هؤلاء ؟ ... يا سمعان بن يونا ، أتحبنى ؟ ... يا سمعان بن يونا ، أتحبنى ؟ ... " . وهنا اهتم الرب لا بتأنيب بطرس على ثلاث مرات إنكاره له ، بل بأن يتأكد بطرس هذه المرة من محبته ليسوع " أتحبنى ؟ ... أتحبنى ؟ ... أتحبنى ؟ " .

والأعجب من كل ما سبق هو الشخص الذى اختاره الرب ليأتمنه على تلاميذه قائلاً " ارعَ خرافى ... ارعَ غنمى ... ارعَ غنمى " ع15-17 ، وكان بطرس الذى أنكره ثلاثاً !!!

 

3. تنبوء الرب عن موت سمعان ( ع 18-19 ) قائلاً له " الحق الحق أقول لك : لمَّا كُنْتَ أكثر حداثةً ( مما أنت عليه الآن ) ، كُنتَ تمنطق ذاتك ، وتمشى حيث تشاء . ولكن متى شِخْتَ ، فإنك تمُدُّ يديك ( لتسميرهما بالصليب ! ) ، وآخر يمنطقك ( الجلاد الذى سَيُسَمّر جسدك بالصليب ، وكأنك جسدك العارى يتمنطق مرتدياً صليباً ! ) ، ويحملك ( أنت وصليبك إلى أعلى ) حيث لا تشاء ( أى ترفض أن تُصْلَب على مِثالى ، بل مُنَكَّس الرأس ، فتكون رجليك لأعلى ورأسك لأسفل ) " ع18 . ثم يأتى تعقيب يوحنا بن زبدى كاتب الإنجيل " قال هذا مُشيراً إلى أية مِيتة ، كان مُزْمِعاً أن يمجد ( بطرس ) الله بها " ع19 .

ا