الرئيسية عقيدتنا عقيدتنا عقيدتنا في المعمودية والعشاء الربانى

عقيدتنا في المعمودية والعشاء الربانى

(9) عقيدتنا في المعمودية والعشاء الربانى

اللفظ “ السر” يفيد الشئ المخفى أو الشئ الذى لا يدركه عقل البشر كاتحاد ناسوت المسيح بلاهوته، وكفاعلية الروح القدس فى قلب الإنسان.

وفى الكتاب المقدس استعملت بمعنى رمز أو إشارة لأمور خفية،

كالتمثال الذى رآه نبوخذ نصر فى الحلم كسر أو إشارة إلى تعاقب أربع ممالك.

وبهذا المعنى يكون أن ممارسة فرائض تستعمل فيها علامات حسية للدلالة على فوائد روحية لكى تصير وسائط فعالة ببركة كافية للغاية التى تعينت من أجلها. فمثلا كلمة الخبر- خبر الكرازة- هى فى ذاتها كلمة عادية للمستمع العادى، لكن الرسول بولس يكتب فى (1تسالونيكى2: 13) “مِنْ أَجْلِ ذَلِكَ نَحْنُ أَيْضاً نَشْكُرُ اللهَ بِلاَ انْقِطَاعٍ، لأَنَّكُمْ إِذْ تَسَلَّمْتُمْ مِنَّا كَلِمَةَ خَبَرٍ مِنَ اللهِ، قَبِلْتُمُوهَا لاَ كَكَلِمَةِ أُنَاسٍ، بَلْ كَمَا هِيَ بِالْحَقِيقَةِ كَكَلِمَةِ اللهِ، الَّتِي تَعْمَلُ أَيْضاً فِيكُمْ أَنْتُمُ الْمُؤْمِنِينَ” ويتضح هنا أن الكلمة كانت ككلمة الناس لكنها بالنسبة للمؤمنين صارت ككلمة الله.

وكلمة سر المستعملة فى العهد الجديد هى من أصل لاتينى، وقد استعملت للدلالة على “ الرهنية” التى يودعها الطرفان المتقاضيان فى خزانة المحكمة حتى يصدر الحكم. والذى يخسر القضية تضيع علية “ الرهنية” واستلام “ الرهنية” هو إشارة إلى كسب القضية.

ثم استعمل اللفظ فى الكنيسة الأولى للدلالة على “رمز مادى” يشير إلى حقيقة روحية غير منظورة.

أى أنه إشارة محسوسة تشير إلى شئ غير محسوس.

والإشارات الخاصة بالمؤمنين فى الكنيسة تكون إشارات إستعمالها قاصرة على شعب الرب (الكنيسة) وإلا صارت سراً إلهياً، لكنه للعالم كله، لأن الله يملك كل العالم. لكنه ملك الكنيسة بصفة خاصة.

ونخرج من هذا أن للسر الإلهى الذى يمارس داخل الكنيسة ثلاث شروط:

أن يكون قد وضع أولاً بترتيب إلهى

يتضمن عناصر محسوسة تشير إلى أشياء غير محسوسة.

أن تكون الممارسة قاصرة على شعب الرب (الكنيسة).   ووفقاً لهذه الشروط نجد فى العهد القديم عمليتين ينطبق عليهما التعبير “سر”:

1- الختان:

وهو علاقة حسية تشير إلى الدخول فى دائرة العهد مع الرب (رومية2: 28، 29، 4: 11، 12)

وهو بترتيب إلهى (تكوين17: 10-13، خروج12: 48) وممارسته قاصرة على شعب الرب.

2- الفصح:

وهو أيضاً بترتيب إلهى    (خروج12: 24- 27)

وأعطاه الرب لشعبه فقط   (خروج12: 43، 44)

وفيه ذبيحة محسوسة تشير إلى عمل المسيح الذبيح.

وفى العهد الجديد رسم الرب يسوع نفسه المعمودية بالماء لتحل محل الختان فى العهد القديم- كما رسم العشاء الربانى ليحل محل الفصح.

ولذلك فالكنيسة الإنجيلية تؤمن وتمارس السرين وهما المعمودية والعشاء الربانى.

وهنا يلزم الإشارة إلى المفهوم الإنجيلى للسر، فهو يعطى القدسية للمشار إليه وهو الدخول فى العهد مع الله وانسكاب الروح القدس فى حالة المعمودية وهو المشاركة فى فوائد ذبيحة الرب يسوع فى حالة العشاء الربانى.

أما المادة المحسوسة فتأخذ قيمتها من إدراك الذى يقبلها مثلما ذكرنا فى مثل كلام وعظ بولس أن أهل تسالونيكى قبلوه على أنه كلام الله وكان لهم كذلك، ومثلما نقرأ فى رومية2: 25 أن الختان بالنسبة للمتعدى قد صار غرلة.

وهنا نأتى لندرس معاً كلا من السرين بنفصيل أكثر:

أولاً: المعمودية

هل المعمودية سر:

نعم هى سر مقدس للمقدسين ويسمى فريضة أيضاً، لأن الذى رسمها هو الرب يسوع، فهى بترتيب إلهى وبسلطانه. ونقرأ فى (متى28: 18، 19) “ فَتَقَدَّمَ يَسُوعُ وَكَلَّمَهُمْ قَائِلاً: «دُفِعَ إِلَيَّ كُلُّ سُلْطَانٍ فِي السَّمَاءِ وَعَلَى الأَرْضِ، فَاذْهَبُوا وَتَلْمِذُوا جَمِيعَ الأُمَمِ، وَعَمِّدُوهُمْ بِاسْمِ الآبِ وَالاِبْنِ وَالرُّوحِ الْقُدُسِ.”

والمعمودية فريضة أيضاً لأن “ مَنْ آمَنَ وَاعْتَمَدَ خَلَصَ، وَمَنْ لَمْ يُؤْمِنْ يُدَنْ.” (مرقس16: 16)

متى بدأت المعمودية؟

ذكرت فى العهد الجديد أولاً معمودية يوحنا المعمدان.

وقد قبل الرب يسوع المعمودية من يوحنا المعمدان.

ولكن المعمودية التى فرضها الرب يسوع تختلف عن معمودية يوحنا، لأن معمودية يوحنا المعمدان كانت بماء للتوبة، أما معمودية المسيح فهى بالروح القدس والنار.

ما هى غاية المعمودية؟

إشارة إلى تطعيمنا فى المسيح وتجديد الروح القدس ومغفرة الخطايا وتسليم حياتنا للمسيح لنسلك فى هذه الحياة “أَمْ تَجْهَلُونَ أَنَّنَا كُلَّ مَنِ اعْتَمَدَ لِيَسُوعَ الْمَسِيحِ اعْتَمَدْنَا لِمَوْتِهِ، فَدُفِنَّا مَعَهُ بِالْمَعْمُودِيَّةِ لِلْمَوْتِ، حَتَّى كَمَا أُقِيمَ الْمَسِيحُ مِنَ الأَمْوَاتِ بِمَجْدِ الآبِ هَكَذَا نَسْلُكُ نَحْنُ أَيْضاً فِي جِدَّةِ الْحَيَاةِ.” (رومية6: 3، 4)

برهان كفاية دم المسيح لغفران الخطية وإزالة قوتها فنقرأ فى (1بطرس3: 21) ( يتكلم عن فلك نوح) “الَّذِي مِثَالُهُ يُخَلِّصُنَا نَحْنُ الآنَ، أَيِ الْمَعْمُودِيَّةُ. لاَ إِزَالَةُ وَسَخِ الْجَسَدِ، بَلْ سُؤَالُ ضَمِيرٍ صَالِحٍ عَنِ اللهِ بِقِيَامَةِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ،”.

ولعل الترجمة اليسوعية أوضح إذ تقول: “ تابوت نوح الذى خلص فيه نفر قليل- أى ثمانية أشخاص- بالماء المرموز إليه به أى المعمودية المراد بها لا إزالة وسخ القذر عن الجسد بل إختبار الضمير الصالح لدى الله يخلصكم الآن بقيامة المسيح”.

علامة حسية منظورة للفرد والعائلة.

علامة أعتراف علنى أمام الكنيسة والمجتمع بأن المعتمد هو تابع للمسيح.

علامة دخول المتعمد أو المعمد إلى الكنيسة المسيحية المنظورة.

رمز وختم لعهد النعمة وبركات الخلاص التى تقبل بالإيمان.

ما هى شروط معمودية البالغين:

الإيمان بربنا يسوع المسيح كمخلص والاعتراف بالايمان الكامل بالآب والابن والروح القدس الإله الواحد أمام الكنيسة.

التوبة عن الخطايا السالفة “فَقَالَ لَهُمْ بُطْرُسُ: «تُوبُوا، وَلْيَعْتَمِدْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْكُمْ عَلَى اسْمِ يَسُوعَ الْمَسِيحِ لِغُفْرَانِ الْخَطَايَا، فَتَقْبَلُوا عَطِيَّةَ الرُّوحِ الْقُدُسِ.” (أعمال2: 38)

التعهد بالمعيشة كما يحق لإنجيل المسيح والاجتهاد فى ممارسة وسائط النعمة.

هل تجوز المعمودية للبالغين ولأولادهم أيضاً؟

+ نعم يجوز فقد اعتمدت ليديا وأهل بيتها (أعمال16: 15) وحافظ سجن فيلبى والذين معه أجمعون (أعمال16: 33) وكرنيليوس وأقر بائة (أعمال10: 47، 48)

+ والختان فى العهد القديم – الذى هو المعمودية فى العهد الجديد- كان للأطفال

وقد قدم يسوع للختان فى اليوم الثامن (لوقا2: 21)

والعهد لم يكن لإبراهيم وحده بل له ولنسله أيضاً.

+ وفى كل الكتاب المقدس نرى أن الرب قد أوجد العائلة لتكون أساساً للكنيسة ومثالاً لها.

+ وفى العهد مع نوح يقول الرب “ ها أنا مقيم ميثاقى معكم ومع نسلكم من بعدكم” (تكوين9: 9)

+ وفى العهد الجديد يتكلم الرب على لسان بطرس قائلاً: “لأَنَّ الْمَوْعِدَ هُوَ لَكُمْ وَلأَوْلاَدِكُم “ (أعمال2: 39)

+ وايضاً فى (1كورنثوس7: 14)  كما أن الأولاد مقدسون بسبب إيمان والديهم” .

+ عهد النعمة هو للأولاد كما أنه للبالغين أيضاً فكلهم يكونون كنيسة الرب بل الأولاد هم المثال لدخول ملكوت السموات (إقرأ لذلك: متى19: 14، أفسس6: 1-3، كولوسى3: 20، 1كورنثوس7: 12-14).

هل مجرد المعمودية بالماء تكفى لغفران الخطايا وحلول الروح القدس للولادة الجديدة:

بدون الإيمان فى القلب لا ينفع الماء شيئاً. إنه مجرد العلامة الظاهرة ولكن الرب لا يأخذ بالظاهر. لقد كان يهوذا بين التلاميذ حين غسل الرب يسوع أرجل الكل، وقال إنه لا حاجة لكم لتكميل تطهيركم إلا إلى غسل أرجلكم. لكن حتى الماء الذى صبه الرب يسوع نفسه على رجل يهوذا لم يغير شيئاً من إرادة يهوذا أو مصيره.

بل إننا نقرأ فى يوحنا 13 أن الرب يسوع قد خصه بلقمة خاصة قدمها له، ولم تكن فقط للبركة أو لقطع عهد، لأن قلب يهوذا لم يكن مستعداً لذلك فقد اغتسل بيد يسوع وأكل من يد يسوع ومازال هو ابن الهلاك كما قال عنه السيد الرب.

فالفعل الحقيقى فى المعمودية ليس فى الماء بل فى الروح القدس الذى يعمل حسب إيمان الشخص المتعمد. وإذا كان المعمد طفلاً فالأمر متوقف على إيمان الوالدين اللذين قدماه للمعمودية وإقرارهما أنهما يربيانه فى إيمانهما فى مخافة الرب وإنذاره.

ولذلك فالكنيسة لا تتحدد بشكل معين للمعمودية بالماء بل يجوز المعمودية بالماء بالرش أو السكب أو التغطيس.

لماذا تجوز المعمودية بالسكب أو الرش أو التغطيس:

يجوز المعمودية بالسكب:

لأن كلمة معمودية أصلاً استعملت للغسل (متى15: 2 فانهم لا يغسلون أيديهم عندما يأكلون خبزاً) وغسل اليد لا يكون بالدفن أو التغطيس بل بالحرى بالسكب، ونفس الكلمة استعملت بنفس المعنى أيضاً فى (مرقس7: 4 وفى لوقا11: 38).

كما أن العهد الجديد يذكر أن الإسرائيلين اعتمدوا لموسى فى السحابة وفى البحر (1كورنثوس10: 2) وكان هذا قطعاً برش المطر أو سكبه إن كان غزيراً. أما الذين دفنوا فى ماء البحر فهم المصريون وحدهم وواضح أنهم هلكوا.

ثم أيضاً إن كانت المعمودية بالماء هى إشارة إلى المعمودية بالروح القدس فقد أشير إلى الروح القدس بلفظ “إنسكاب” أو “ سكيب” (إقرأ لذلك إشعياء44: 3، 63: 1، حزقيال36: 25-27، زكريا12: 10، أعمال2: 2، 17، 18).

ويجوز أيضاً المعمودية بالرش:

+ لأنه فى نظام الفصح كان رش الدم على العتبة العليا للباب والقائمتين كافياً لأن يعبر الملاك المهلك عن هذا البيت لأنه مخصص للرب.

+ وفى حزقيال36: 25 يقول وأرش عليكم ماء طاهراً فالرش إذا يكفى للتطهير.

وبالمثل يشير بطرس الرسول فى رسالته الأولى إلى رش دم يسوع المسيح

+ ثم أنه ورد فى العهد الجديد حالات معمودية لا تحتمل إلا أن تكون معمودية بالرش أو السكب، مثل معمودية الثلاثة الآلاف نفس فى أورشليم وليس فى أورشليم نهر واحد أو بركة للتغطيس.

ومعمودية بولس فى أعمال9: 17- 19 كانت فى البيت دون إحتمال وجود استعداد لمعمودية للتغطيس. ونفس الشئ ينطبق على معمودية كرنيليوس (أعمال10: 47، 48) وكذلك إعتماد سجان فيلبى (أعمال16: 33).

(ج) وتقبل الكنيسة أن تكون المعمودية بالتغطيس:

+ لأن بولس الرسول يشبه المعمودية بالدفن فى كولوسى2: 13 وأيضاً فى رومية6: 4 وإن كان البعض يرى أن التشبيه لا يجوز أن يؤخذ بحرفيته. فاذا أخذنا بحرفية الدفن معه فى المعمودية، فما هو الملموس الحرفى الذى يشير إلى القيامة معه أيضاً؟ وهو تعبير ورد فى نفس النص.

ولكن حتى مع قيام هذا السؤال، فما دامت معمودية الماء حسبما أوصى بها المسيح لا ترتبط فى نص فرضها بشكل معين، فلا مانع أن تكون بالتغطيس أو الرش أو السكب.

 

 

ثانياً : العشاء الربانى

1- ما هى الأسماء الكتابية المختلفة للعشاء الربانى؟

(أ) عشاء الرب كما جاء فى 1كورنثوس11: 20 والعشاء هو الوجبة الرئيسية

(ب) مائدة الرب كما جاء فى 1كورنثوس10: 21 على أن الرب هو المضيف

(ج) كأس الرب كما جاء فى 1كورنثوس10: 21 على أن الرب هو المبارك.

(د) شركة جسد الرب كما جاء فى 1كورنثوس10: 16 على أن الجماعة مرتبطة بواسطة جسد الرب.

(هـ) كسر الخبز كما جاء فى أعمال2: 42

(و) ويسمى أيضاً الأفخارستيا أى ذبيحة الشكر لارتباط الممارسة بتقديم الشكر كما جاء فى متى26: 26، 27

2- بأى معنى نعتبر العشاء الربانى “سراً”؟

بمعنى أنه فريضة رسمها الرب يسوع نفسه

وحدد فيها استعمال أشياء حسية عند تناولها بالإيمان تعطى مدلولا روحياً وفائدة للمتناول. وتناولها قاصر على شعب الرب.

3- ما هو الغرض الأساسى من رسم العشاء الربانى؟

(أ) لنذكر موت الرب (لوقا22: 19، 1كورنثوس11: 24، 25).

(ب) الإخبار بموت الرب إلى أن يجئ 1كورنثوس11: 26

(ج) لنكون شركاء مع الرب فى آلامه وفى قوته 1كورنثوس10: 16- 22.

(د) علاقة العهد الجديد فى المسيح وانتظار الملكوت

                                                متى26: 28، 29

                                                1كورنثوس11: 25

                                                يوحنا6: 51

(هـ) وليمة الفرح بالملكوت        متى26: 29

(و) وليمة الشركة بين الأخوة المؤمنين 1كورنثوس 10: 16

4- ما هى العناصر المستعملة فى عشاء الرب وهل اختلفت الكنائس عليها؟

العناصر التى أستعملها الرب يسوع كانت الخبز والخمر.

ولكن لأن الرب قد رسم هذا العشاء وقت الفصح وهو قد حل محله وقد كان اليهود حسب الشريعة يأكلون خبزاً فطيراً فى الفصح أى بدون أية خميرة فيه فقد استعمل الرب يسوع الخبز بغير خمير.

إلا أن الكنيسة اليونانية الأرثوذكسية تصر على أن يكون الخبز مختمراً حتى يتميز عن الفصح اليهودى.

أما الكنائس المصلحة فلا تعلق أهمية كبيرة على نوع الخبز المستعمل.

أولاً: لأن الحرف يقتل وليس السر فى نوع الخبز لكن فى الإيمان الذى نتناول به الخبز لكى نتمتع بالفوائد الروحية.

وثانياً: لأن الرب يسوع استخدم الخبز الموجود أمامه للعشاء العادى فى ذلك الوقت ولم يكن فى أى بيت يهودى فى تلك الليلة خبز مختمر.

وعند لقاء الشركة المذكور فى سفر الأعمال فى أول كل أسبوع كانوا يجتمعون للشركة أى للعشاء معاً ثم يكسرون الخبز، نفس الخبز الذى تناولوا معه العشاء مثل ما فعل الرب يسوع.

5- ما هى الآراء اللاهوتية المختلفة بشأن طبيعة العشاء الربانى؟

(أ) رأى زونجلى:

إن العشاء مجرد ذكرى ومن الشواهد الكتابية السابقة يتضح أن للعشاء عدة مفاهيم أخرى، وبذلك يكون تعبير زونجلى عن العشاء ناقصاً.

(ب) رأى الكنيسة التقليدية:

وهو أن الخبز يتحول إلى جسد حقيقى والخمر إلى دم حقيقى، وهذا أيضاً لا يتمشى مع ما جاء فى الكتاب المقدس لعدة أسباب أهمها:

أن الرب يسوع عندما رسم العشاء الربانى لم يكن قد صلب بعد، بل كان معهم بلحمه ودمه. وإنما قصد أن يكون الخبز إشارة إلى جسده والكأس إشارة إلى دمه.

ثم كيف يمكن أن يكون أن يهوذا قد أكل جسد الرب وشرب دمه ومع ذلك باعه، وأكثر من ذلك أنه فقد فرصة التوبة.

كما أن الأخذ بمبدأ الاستحالة يبطل معنى الشركة والعهد فالإنسان يقدم المادة والرب يرسل الروح القدس ويدخل كلاهما فى عهد لا على أساس المادة مهما كان نوعها لكن على أساس عمل الروح القدس الذى يحرك الإنسان إلى الإيمان والتوبة والذى يعطى فوائد الخلاص بالمسيح.

وهكذا نرى ما ينطبق على الماء فى المعمودية ينطبق على الخبز والخمر فى عشاء الرب.

(ج) الرأى اللوثرى:

وهو محاولة للتوفيق بين الرأيين، الزونجلى والتقليدى، فيقول إن الخبز ونتاج الكرم لا يستحيلان فى جوهرهما إلى جسد المسيح ودمه، إلا أن المسيح حاضر فى الفريضة جسدياً ويرافق العنصرين بطريقة سرية، حتى أن المشترك الذى يقبل المسيح بمعنى سرى تكون لعناصر العشاء بالنسبة له فاعلية حقيقة ذاتية، وأما الذى يتناول بغير إيمان فتكون العناصر بالنسبة له بغير فاعلية سرية، أى لا يأكل جسد المسيح ولا يشرب دمه، بل يظلان بالنسبة له خبزاً وخمراً.

(د) الرأى المصلح أو الكلفينى:

(وهو رأى الكنيسة الإنجيلية) ومفاده أن فاعلية العشاء الربانى ليست ذاتية فيه، لكنها تحصل بواسطة الروح القدس الذى يرافق العناصر، ويوصل الفوائد الروحية إلى القلوب التى تتناوله بالإيمان.

فالروح القدس هو الذى يجعل الفريضة المقدسة واسطة لتوثيق روابط الاتحاد بين المؤمنين وبين فاديهم، وعلى هذا يكون للعشاء الربانى فاعلية روحية عظيمة لأننا بالإيمان نشترك فى جسد الرب ودمه، ونتثبت فى العهد وننمو فى النعمة.

ما لزوم إمتحان النفس قبل التناول من المائدة؟

لتجديد التوبة وتأكيد الإيمان.

ولإعداد النفس للطاعة لما يرشد به الروح القدس.

ولإعلان الخضوع للدعوة العليا والإرشاد المستمر.

أقوال بعض الآباء فى عناصر العشاء الربانى

تقول بعض الطوائف إن الخبز يتحول إلى جسد حقيقى، وأن الخمر يتحول إلى دم حقيقى... وإليك بعض التعليقات عن هذا.

فى الكنيسة الغربية:

ظهر التعليم بالاستحالة لأول مرة عندما قدمه باسخاسيوس رادبركس فى منتصف القرن التاسع. ورد عليه فى ذلك الوقت راترامنس قائلاً: “ أما من جهة الجواهر المادية فكما كانت قبل التقديس لم تزل كذلك بعده” وقال أيضاً أريجينا وهو من نفس الكنيسة فى نفس العصر “ .. نقدمه روحياً ونأكله عقلياً بالذهن لا بالأسنان” ولم تقبل الكنيسة الغربية هذا التعليم رسمياً قبل المجمع اللاترانى الرابع سنة 1215.

أما فى الكنيسة الشرقية:

فقد سجلت فى قرارات مجمع قسطنطينية سنة 754 “ أن العناصر فى الأفخارستيا إنما هى بمنزلة رموز أو إشارات” ولم تقبل الكنيسة عقيدة الاستحالة رسمياً قبل صدور كتاب إقرار الإيمان الأرثوذكسى لبطرس موغيلاس من كيفا فى روسيا سنة 1643.

ويجدر بنا أن نورد هنا آراء بعض آباء الكنيسة الشرقيين على سبيل المثال لا الحصر:

+ القديس أثناسيوس فى عام 370م كتب فى شرح إنجيل يوحنا الأصحاح السادس: “ أن مناولة جسد المسيح ودمه حقيقة أمر لا يقبل، وأما المعنى الذى قصده المسيح فى هذه الآيات فلا يقبل إلا روحياً”.

+ ويقول يوحنا فم الذهب سنة 400م “ إن الخبز المقدس يستحق أن يسمى جسد الرب، مع أن الخبز لم يزل على حقيقته” .

+ وقال أغسطينوس سنة 420م إن قول المسيح إنه يعطينا جسده لنأكل لا يجوز فهمه جسدياً، لأن نعمته لا تقبل بالأسنان. وأما قول المسيح “ هذا هو جسدى” كان بمعنى أن الخبز وضع علامة لجسده.