الرئيسية

هل فيروس كورونا عقاب من الله؟

بعد انتشار وباء فيروس كورونا في معظم أنحاء العالم، وازدياد الاصابات التي بلغت بحدود، 170 ألف، والوفيات بحدود، 5000 شخص. نسمع بعض المتشفّين على وسائل التواصل الاجتماعي، الذين يشيّعون أن هذا الفيروس القاتل، هو عقاب من الله على الأشرار. لكن هل فعلا يعتقد يسوع، أنه عقاب للأشرار؟

يخبرنا إنجيل لوقا الإصحاح الثالث عشر، إنه بينما كان الرب يسوع المسيح يجول كارزاً بملكوت الله. أتى إليه قومٌ يريدون التشفي والشماتة ببعض الجليليين والأورشليميين الذين قتلوا من جراء سببين، السبب الأول بشري، سببه جريمة الحاكم الروماني بيلاطس الذي أمر بقتل بعض الجليليين وهم يصلّون في الهيكل لأنهم امتنعوا عن دفع الجزية. والسبب الثاني طبيعي، سببه كارثة طبيعية، إلا وهي سقوط برج سلوام على ثمانية عشرة شخصاً. وقد كان الفكر السائد آنذاك وحتى اليوم لدى البعض أن المصائب توزع على الناس بنسبة شرورهم، فكلما أخطأوا أكثر كلما كان عقابهم بواسطة مصائبهم أكبر. وبالتالي فقد أراد أولئك القوم الذين أتوا إلى المسيح أن يقولوا له بأن الذين، قتلوا وماتوا قد استحقوا موتهم لأن الله قاصصهم على كثرة خطاياهم.

إلا أن الرب يسوع المسيح وبعكس المفهوم السائد عن ارتباط الألم والموت من جراء المصائب بكثرة خطايا الإنسان، هذا المفهوم الذي كان سائداً كثيراً خصوصاً في العهد القديم، لا سيما في قصة إرسال الله للطوفان على بني البشر كقصاص الله لهم على تعاظم ذنوبهم، وشرورهم. وقصة إحراق الله لمدينتي سدوم وعمورة لكثرة الأشرار والفاسدين وانعدام الصلاح والصالحين. فقد قدم الرب يسوع المسيح مفهوماً جديداً ومميزاً، فكّ ارتباط الألم والموت بكثرة الخطايا، كان المفهوم في العهد القديم. أجاب الرب يسوع المسيح أولئك القوم قائلاً "أتظنون أن أولئك الجليليين كانوا خطاة أكثر من كل الجليليين لأنهم كابدوا مثل هذا؟ أتظنون أن أولئك الثمانية عشرة الذين سقط عليهم البرج في سلوام وقتلهم كانوا مذنبين أكثر من جميع الناس السكنين في أورشليم؟" (لوقا 13: 2) قال لهم الرب يسوع: "أقول لكم. بل إن لم تتوبوا فجميعكم كذلك تهلكون" (لوقا 13: 3) وبالتالي فإنه بأسئلته لهم، أوضح لهم بما معناه: أنتم مخطئون بتفكيركم، فهم لم يكونوا مذنبين ولا خطاة أكثر منكم. لم يكن موتهم قصاص الله لهم على كثرة خطاياهم. فجميعكم خطاة، ونحن أيضا، جميعنا خطاة. هذا الفكر اللاهوتي، نراه في مضمون المثل الذي قدمه المسيح، عن الحنطة والزوان في إنجيل متى. ا يشبّه يسوع ملكوت الله، بإنسان زرع زرعا جيدا في حقله، وفيما الناس نيام، جاء عدوه وزرع زوانا في وسط الحنطة. وعند الثمار، ظهر الحنطة والزوان معا. فقال الفعلة في الحقل، أليس زرعا جيدا زرعت؟ كيف أتى الزوان؟ أجاب: انسانا عدوا فعل هذا. وعندما اقترح الفعلة على السيد، تنقية الزوان من الحنطة. باقتلاع الزوان من بين الحنطة، رفض السيد، وقال: دعوهما كلاهما ينميان معا الى وقت الحصاد، حتى عندما يحين وقت الحصاد، يجمع الزوان أولا ليحرق. وتجمع الحنطة الى مخزن السيّد. (13: 24 – 30) وبالتالي يوصل هذا المثل، فكر المسيح، أنه لم يحن يوم الدينونة بعد. والضحايا التي يسبّبها الكورونا والأمراض الكثيرة الأخرى والمصائب، ليست هي غضب ودينونة الله على الناس. فالدينونة قد تركها الله لليوم الأخير، وليس للزمن الحاضر من خلال المصائب والأمراض.

لقد دعا المسيح أولئك الجليليين، ويدعونا جميعاً الآن، إلى الاستفادة من فرصة التوبة قبل أن تأتي المصائب والأمراض التي لا أحد مستثنى منها، "ولا أحداً فوق رأسه خيمة"، كما يقول المثل الشائع. فيسوع في كلامه مع أولئك القوم، لم يتوقف عند الطريقة التي يموت بها الإنسان، بل عند الطريقة التي يعيش فيها الإنسان داعياً إياه وايانا، إلى عدم تأجيل فرصة توبتنا لكي نكون مستعدين بالإيمان لمواجهة الأمراض والأوبئة، وفيروس كورونا، واضعين حياتنا، تحت سيادة الله وأذرعه الأبدية.