الرئيسية

المبدأ الثالث: الكفارة المحدودة

"وَلَكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي

كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي وَأَنَا

أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي" (يوحنا 10: 27، 27).

"الكفارة المحدودة"، وبالإنجليزيّة "LimitedAtonementأو الكفارة الفعَّالة، والكفارة تعني أنَّ المسيح مات بديلاً

ونيابة عن الإنسان الخاطئ، وفي موته أرضى الله وأوفى العدل الإلهي حقه، وهكذا أزال العداوة التي فصلت بين الله وشعبه، وصالحهما معاً، حتى لم يبقَ شيء من الدَّين يُطالب به العدلُ الإلهي الخاطئ الذي آمن.

 لكن السؤال الذي يطرح نفسه هو، لأجل مَن مات المسيح؟ هل كفارة المسيح كانت من أجل كل البشر جميعًا أم لأجل المختارين والمعينين للخلاص فقط؟ولمزيد من الإيضاح يمكن أن نطرح السؤال بصيغٍ أخرى، هل مات المسيح عن كل خطايا كل البشر؟ أم عن كل خطايا بعض البشر؟ أم تراه مات عن بعض خطايا كل البشر؟ أم مات عن بعض خطايا بعض البشر؟  

قطعاً لا يمكن أن تكون إجابة هذه الأسئلة أنَّ المسيح مات بعض خطايا كل البشر، أو أنَّه مات عن بعض خطايا بعض البشر، وسوف تنحصر الإجابة في أنَّ موت المسيح عن كل خطايا كل البشر، أو موته كان عن كل خطايا بعض البشر.   

فإذا جاءت الإجابة أنَّ المسيح قد مات لأجل كل خطايا كل البشر بلا استثناء، يكون من المنطقي التسليم بأنَّ كل البشر صاروا أبراراً في نظر الله، ويستحقون الحياة الأبدية؛ ولأنَّ الكتاب المقدس يُعلِم بأنَّ هناك خطاة لن يخلصوا، وينتظرهم هلاكٌ أبدي، فسيصبح الله –بحسب هذه النظرية-ظالمًا؛ لأنَّه سيكون قد أخذ أجرة الخطيّة وهي الموت، مرتين، مرة بموت المسيح عن غير المختارين، ومرة بموتهم وهلاكهم الأبدي.

إنَّ عقيدة "الكفارة المحدودة"، تعني أنَّ المسيح مات لأجل المختارين فقط، أولئك الذين سبق الله وعيّنهم للخلاص، ودعاهم وبرَّرهم ليمجدهم أيضاً ويقضون الأبديّة معه، ولهذه العقيدة ما يؤيدها في الكتاب المقدس، فقد قال المسيح: "أَنَا هُوَ الرَّاعِي الصَّالِحُ، وَالرَّاعِي الصَّالِحُ يَبْذِلُ نَفْسَهُ عَنِ الْخِرَافِ.. وَلَكِنَّكُمْ لَسْتُمْ تُؤْمِنُونَ لأَنَّكُمْ لَسْتُمْ مِنْ خِرَافِي كَمَا قُلْتُ لَكُمْ. خِرَافِي تَسْمَعُ صَوْتِي وَأَنَا أَعْرِفُهَا فَتَتْبَعُنِي" (يوحنا 10: 26، 27)، يقول المسيح أنَّه يبذل نفسه عن "الخراف"، وخرافه فقط –أي المعينين للخلاص-سيؤمنون به، ويقول أيضاً: "هذَا هُوَ دَمِي الَّذِي لِلْعَهْدِ الْجَدِيدِ الَّذِي يُسْفَكُ مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ لِمَغْفِرَةِ الْخَطَايَا" (متى 26: 28)، لاحظ أنَّ المسيح لم يقل أنَّ دمه يُسفك "من أجل الكل"، لكن "مِنْ أَجْلِ كَثِيرِينَ"، وكلمة كثيرين لا تعني الكل بلا استثناء لكن تعني عدد معين دون الكل؛ ويُردد بولس ذات الفكرة قائلاً: "اِحْتَرِزُوا اِذًا لأَنْفُسِكُمْ وَلِجَمِيعِ الرَّعِيَّةِ الَّتِي أَقَامَكُمُ الرُّوحُ الْقُدُسُ فِيهَا أَسَاقِفَةً، لِتَرْعَوْا كَنِيسَةَ اللهِ الَّتِي اقْتَنَاهَا بِدَمِهِ" (أعمال 20: 28)، وهنا يؤكد بولس بوضوح على أنَّ الله اقتنى الكنيسة بدمه وليس كل البشر.

إنَّ "الكفارة المحدودة"، لا يعني أنَّ كفارة المسيح غير محدودة في قوتها أو قيمتها، إلا أنها تبقى فعالة في حياة أولئك الذين سبق الله وعينهم للخلاص وللحياة الأبدية.