الرئيسية عقيدتنا تأملات كتابية السراب

السراب

تأملات كتابية روحية:

89. السراب Mirage

"وَسَيُصبِحُ السَّرابُ بِركَةَ ماءٍ، وَالأرْضُ العَطشَى سَتُصبِحُ يَنابِيعَ ماءٍ، وَفِي مَسكَنِ الكِلابِ البَرِّيَّةِ وَمَكانِ راحَتِها،

سَيَنبِتُ القَصَبُ وَالنَّباتاتُ الطَّوِيلَةُ(البردي)" (اش 35 : 7) (Arabic Bible: Easy-to-Read Version)

السرابهو نوع من الخداع البصري إذ تبدو الأشياء البعيدة أقرب مما هي في الحقيقة. السبب في حدوث السراب هو انكسار الضوء وهو يمر خلال الهواء الذي تتفاوت درجة حرارة طبقاته، يعني الانكسار في المسار .

 يري المسافرون في الصحراء أحياناً بركة ماء بعيدة تبدو وكأنها واحة، ولكن حين يصلون إلى الموقع لا يجدون سوى الرمال الجافة. ويحدث السراب أحيانا حين تحجز طبقة من الهواء الساخن أشعة الضوء القادمة من الأجسام البعيدة، فتبدو بعض الأشياء (كالصخور) كأنها أبراج عالية. نشاهدها من مسافة بعيدة وعند الاقتراب منها تختفي

أنواع السراب

1. السراب البصري. وهو ظاهرة خداع بصري تصوًر للرائي أشياء غير موجودة كأنها موجودة ومنه: سراب الطريق السريع، السراب الأدنى، السراب الأعلى، السراب الفائق، سراب الغروب وسراب الأجرام الفلكية

2. السراب الفكري.وهو ظاهرة يحدثها الشيطان فيزين للإنسان أشياء وأشياء ويجري خلفها دون فائدة

3. السراب العاطفي.. وهو ضرب من العواطف المتأججة في عقل شخص واهم بعيد عن ارض الواقع

4. السراب الحربي.. وتطلق كلمة Mirageعلي الطائرات،الدبابات، المدافع والصواريخ

5. السراب المجازي. نوع من السيارات وبعض دور علاج الإدمان، دور المشورة الفنادق وبعض لعب الأطفال

6. السراب الروحي...ويشمل التعاليم المضللة في العقيدة الروحية

السراب الروحي

من السهل أن ينقاد الإنسان إلي الضلال. إذ تبدو الأشياء أمامه مؤكدة لكن الحقيقة هي غير ذلك. يحدث السراب طول الوقت وتكون الحقيقة مضادة. يظن الناس أنهم يرون الأمور سليمة، بينما هي خداع ووهم.

تنبأ إرميا لسنوات عديدة طالبا من مملكة يهوذا أن يتوبوا ويصلحوا طرقهم وإلا سيرسل الله جيش غريب ليحتل البلاد ويدمر الديار، لكنهم لم يتوبوا، فجاء سبي بابل وفيه قتل الكثيرون و أسر العدد الكبير وترك السبي الطبقة الفقيرة في يهوذا لتفلح الأرض. رغبت هذه البقية الهروب إلي مصر، لكن الله حذرهم بعدم النزول إلي مصر.

"فالآن لذلك اسمعوا كلمة الرب يا بقية يهوذا. هكذا قال رب الجنود اله إسرائيل. إن كنتم تجعلون وجوهكم للدخول إلى مصر وتذهبون لتتغربوا هناك يحدث أن السيف الذي انتم خائفون منه يدرككم هناك في ارض مصر والجوع الذي انتم خائفون منه يلحقكم هناك في مصر فتموتون هناك" (ار 42: 151- 7)

 ولم يصدق الشعب ارميا واتهموه بالكذب وهربوا إلي مصر واخذوا ارميا معهم وعبدوا الأوثان وردوا بالقول:

"إننا لا نسمع لك الكلمة التي كلمتنا بها باسم الرب بل سنعمل كل أمر خرج من فمنا فنبخر لملكة السماوات ونسكب لها سكائب كما فعلنا نحن وآباؤنا وملوكنا ورؤساؤنا في ارض يهوذا وفي شوارع أورشليم فشبعنا خبزا وكنا بخير ولم نر شرا. ولكن من حين كففنا عن التبخير لملكة السماوات وسكب سكائب لها فنينا بالسيف والجوع" (ار 44: 161- 8)

 هذا نموذج للسراب الروحي، الضلال، عدم الفهم، خداع النفس والكذب. يوجد في قلب الإنسان ميل إلي الاعتقاد بأنه طالما هو نشيط وناجح في هذا العالم، فأنه يعتقد أن الله مسرور منه ويباركه بسبب نشاطه و إخلاصه. لكن علي الإنسان أن يفهم أننا ننال بعض البركات ليس بسبب استحقاق أو أعمال. كان الفريسيون يتمتعون ببركات دنيوية لم يكونوا مختبرين الحياة الروحية الحقيقية، كانوا يعيشون السراب. انطبقت عليهم فكرة"السبب والنتيجة". كانوا يعتقدون أنه طالما يتمتعون ببركات وفرة الطعام والمال. فأنهم يعبدون الله بالطريقة الحقيقية وعاشوا في سراب.

 يهب الله خيرات للأشرار والأبرار ويشرق شمسه علي الصالحين والطالحين، التائبين والضالين، لقد نسي الشعب في زمن ارميا كما نسي الفريسيون أن الله طويل الروح وكثير الرأفة، "وهولا يشاء أن يهلك أناس بل يقبل الجميع إلي التوبة (2 بط 3: 9)

"أم تستهين بغنى لطفه وإمهاله وطول أناته غير عالم أن لطف الله إنما يقتادك إلى التوبة. 5ولكنك من أجل قساوتك وقلبك غير التائب تذخر لنفسك غضبا في يوم الغضب واستعلان دينونة الله العادلة" (رو 2 : 4)

يقول البعض نحن لا نعبد الأصنام، ولسنا مثل يهود ارميا، كل شيء علي ما يرام و نحن لسنا في حاجة إلي توبة، فإن الله يباركنا بسبب حياتنا الصالحة.يقنع الكثيرون أنفسهم بأن هذه النصوص الكتابية لا تنطبق عليهم

 قال الرب لملاك كنيسة لاودكية "لأنك تقول أني أنا غني وقد استغنيت ولا حاجة لي إلى شيء ولست تعلم انك أنت الشقي والبئس وفقير وأعمى وعريان. أشير عليك أن تشتري مني ذهبا مصفى بالنار لكي تستغني. وثيابا بيضا لكي تلبس فلا يظهر خزي عريتك. وكحّل عينيك بكحل كي تبصر" (رؤ 3: 17-  18) وأوصاه الرب"كن غيورا وتب"،

 رأي الشعب أنهم ليسوا في حاجة إلي التوبة لآن أمورهم علي ما يرام ظاهريا. كانوا قانعين وراضين والرب يوصيهم بأن يحصلوا علي الكحل لكي تكتحل به عيونهم وهكذا يضل الشعب في موقفهم من الله و عدم تطبيق أقواله المقدسة. ينظر الإنسان إلي البركات الأرضية متوهما أن الله راضي عنه طالما يمنحه هذه البركات.

 ومن جهة أخري ليست آلام المؤمن دليلا علي أن الله غاضب منه ويؤدبه بسبب شر. ليس بسبب خطية قاسي بولس الآلام التي انتهت بإعدامه"ثلاث مرات ضربت بالعصي. مرة رجمت. ثلاث مرات انكسرت بي السفينة. ليلا ونهارا قضيت في العمق. 26بأسفار مرارا كثيرة. بأخطار سيول. بأخطار لصوص. بأخطار من جنسي. بأخطار من الأمم. بأخطار في المدينة. بأخطار في البرية. بأخطار في البحر. بأخطار من أخوة كذبة. في تعب وكد. في اسهار مرارا كثيرة. في جوع وعطش. في اصوام مرارا كثيرة. في برد وعري."2 كو 11: 24- 27.

ليس بالضرورة أن تكون بركات الله لنا دليل علي رضاه علينا

كان الرب يسوع وهو علي الأرض لا يملك شيئا، وليس له أين يسند رأسه (مت 8: 20) هناك جماعات لهم صورة التقوي، لكنهم منكرون قوتها، لا ينبغي أن ننخدع بالمظاهر، توجد طريق تبدو للإنسان مستقيمة وعاقبتها طرق الموت. ليس النجاح المادي دليلا علي رضا الله.

بينما ينبغي أن نشكر الله من أجل حساناته ولا ينبغي أن نقفز إلي نتائج إن هذه البركات نتيجة استحقاق، كم من أثرياء ينحدرون إلي الجحيم وكم من فقراء ينعمون بالسماء (لو 21) قدمت المرأة الأرملة فلسين فقط وامتدحها الرب أو لعازر الذي كانت الكلاب تلحس قروحه وانطلق إلي حضن إبراهيم (لو 16).

كانت ديانة اليهود في عصر ارميا مؤسسة علي العاطفة وليس علي الحق الإلهي.

عاقب الله اليهود لأنهم لم يتوبوا عن طرقهم ونحن سننال جزاء ما نفعل ما لم تكن طرقنا مؤسسة علي كلمة الله.

"انظروا إن لا يكون احد يسبيكم بالفلسفة وبغرور باطل حسب تقليد الناس حسب أركان العالم وليس حسب المسيح"كو 2 : 8

 الوعد الإلهي

وَسَيُصبِحُ السَّرابُ بِركَةَ ماءٍ، وَالأرْضُ العَطشَى سَتُصبِحُ يَنابِيعَ ماءٍ، وَفِي مَسكَنِ الكِلابِ البَرِّيَّةِ وَمَكانِ راحَتِها، سَيَنبِتُ القَصَبُ وَالنَّباتاتُ الطَّوِيلَةُ(البردي) (اش 35 : 7

السراب هو خداع، منظر لماء غير موجود، هو كناية عن خيرات غاشة يطلبها الناس ولا يحصلون عليها، أما الأجمة فهي أماكن يوجد فيها ماء، وهى كناية عن خيرات حقيقية يعطيها الله لشعبه. فعوض الجفاف يصير فيض ماء هو فيض الروح القدس (يو 7 : 37، 38) فيتحول المرار في نفس الإنسان إلي تعزيات. والأماكن التي كانت بلا ماء ويسكنها الذئاب (الوحوش) تصير مملوءة ماء حتى تصبح دارا للقصب والبردي. هكذا نفوسنا بعد أن كانت مسكناً للشر أصبحت هيكلا للروح القدس الذي يسكن فيها.