الرئيسية عظات وتأملات تأملات

القلوب الصخرية

تأملات كتابية روحية:

58. القلوب الصخرية

ذكر الرب يسوع، في مثل الزارع أنواعا من الناس، منهم التربة الصخرية، "والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح. وهؤلاء ليس لهم أصل. فيؤمنون إلى حين، وفي وقت التجربة يرتدون"لو8: 13

1. الحقائق الكتابية

يعلن الكتاب الكثير من الحقائق الروحية الثمينة التي تبني المؤمنين في الحق وتثبتهم في الإيمان وتحفظهم من العثرات وتمنحهم سلام القلب والضمير"كي لا نكون فيما بعد أطفالا مضطربين ومحمولين بكل ريح تعليم بحيلة الناس بمكر إلى مكيدة الضلال"اف 4: 14. 

ويعمل إبليس على هدم الحقائق الإلهية بطرق مختلفة لأنه عدو الحق"..ذاك كان قتالا للناس من البدء ولم يثبت في الحق لأنه ليس فيه حق. متى تكلم بالكذب فإنما يتكلم مما له لأنه كذاب وأبو الكذاب" يو8: 44. 

 ويحاول تشكيك المؤمنين الحقيقيين في خلاص نفوسهم، وفي صدق كلمة الله. إذ قال لحواء في الجنة"أحقاً قال الله"تك 3: 1. 

2. الأساسات المسيحية

هل يرتد المؤمن ويهلك؟ هل يذبح الله أولاده الأحباء؟ يظن أكثر الناس أن الله يفعل هذا. وهم بذلك، ينقضون كل أساسات المسيحية وأركانها، وينزلون بها إلى مستوى ديانات العالم الباطلة، هل يستمرئ المؤمن الحقيقي حياة الشر؟ لا.

•   يلغي هذا التعليم كل الحقائق الروحية من ناحية الفداء والخلاص والنعمة والصليب وموت المسيح وقيامته وفاعلية دمه الكريم واسمه المبارك، ومجد الله ومحبته وكلمته وأمانته وصدقه ومشيئته ومواعيده وقدرته وكرامته وسكني روحه القدوس في المؤمنين.

•   كما انه يلغي مفاهيم الإيمان والحياة الأبدية والتبرير والتقديس والتطهير والغفران والبنوية لله والعضوية في جسد المسيح والكنيسة

•   وينفي إمكانية تمتع المؤمن بالسلام والفرح والرجاء واليقين والراحة،

•   ويلغي معنى شفاعة المسيح والتأديب والتدريب اللازم للمؤمن

•   ويعني أن الإنسان هو نفسه أساس خلاص نفسه وحفظها واستحقاقها لكل البركات الروحية الإلهية من خلال أعماله.

•   ويوضح الكتاب المقدس أن ثبات المؤمن الحقيقي هو بفضل نعمة الله. هذا الحق ساطع كالشمس في وضح النهار في كل المكتوب.

•   إمكانية هلاك المؤمن الحقيقي تفتح الباب أمام الشيطان كي يبذر التشكيك في ضمير الإنسان ويجعله يعيش في خوف ورعب.

•   المسيحية هي ديانة الرجاء الحقيقي واليقين الثابت لأنها مبنية على أقوال الله الصادقة والأمينة، وليس على إمكانيات الإنسان.وضمان الأبدية أساسه نعمة الله الغنية وليس الأعمال البشرية

3. الولادة الروحية

 غير المؤمن، إنسان هالك، مهما كانت درجة تدينه أو عظمة أعماله أو رفعة أخلاقه وعلى العكس تماما، فان كل مؤمن حقيقي مولود من الله، لا تستطيع أية قوة في الكون أن تنزع منه خلاصه الموهوب له من الله بالنعمة والإيمان. فالذين هم خارج دائرة الإيمان الحقيقي، ليس لهم نصيب في الخلاص. فليس كل من قال انه مؤمن هو كذلك. بل المولود حقا من الله .يمكن للمدًعين الإيمان خداعنا وخداع نفوسهم. وهم لا يستطيعون أن يخدعوا الله لأنه عارف القلوب والأفكار. مصيرهم الهلاك. لن يخسروا خلاصهم لأنهم غير مخلصين أصلا.

4. القلوب الصخرية

 الارتداد في الكتاب المقدس هو عدم قبول الحق أو الالتزام به على رغم معرفة الشخص والتأثر به.وقد أوضح ربنا يسوع المسيح مسألة الارتداد في شرح مثل الزارع الذي تحدث فيه عن أربع عينات من الذين يكرز لهم بكلمة الله، حيث نفهم ان العينات الثلاث الأولى هم أشخاص يبقون خارج دائرة الإيمان الحقيقي الذي يمنح الخلاص الأبدي. منهم الناس الذين وصفهم الرب بالمرتدين إذ قال"والذين على الصخر هم الذين متى سمعوا يقبلون الكلمة بفرح. وهؤلاء ليس لهم اصل. فيؤمنون الى حين، وفي وقت التجربة يرتدون"لو8: 13

المرتدون هم أشخاص يبدو أنهم قبلوا كلمة الله وفرحوا بها. إلا أن فرح هؤلاء وقتي ومرتبط بالتأثير النفسي.وإيمانهم هو إيمان نظري لا يخضع لسلطان كلمة الله وعمل الروح القدس لتحقيق الولادة الجديدة .قلوبهم صخرية،"ليس لهم اصل". وعندما تأتي التجربة، سرعان ما يظهر الباطل. أشخاص عرفوا الحق ولم يقبلوه في القلب.

5. الدراهم الفضية

 كان سيمون الساحر واحدا من أمثال هؤلاء، إذ يقول الكتاب عنه"وسيمون أيضا نفسه آمن. ولما اعتمد كان يلازم فيلبس. وإذ رأى آيات وقوات عظيمة تجرى اندهش" اع8: 13.   حاول رشوة الرسولين بطرس ويوحنا بالمال لكي يمنحاه سلطان إعطاء الروح القدس عن طريق وضع الأيدي كما كانا يفعلان فقال له الرسول بطرس"...لتكن فضتك معك للهلاك لأنك ظننت أن تقتني موهبة الله بدراهم ..... قلبك ليس مستقيما أمام الله."اع8: 20-24.  الحقيقة هي أن قلبه لم يتغير أبدا ولا أفكاره الشريرة، لم يخسر خلاصه، لأنه في الأساس لم يكن حصلا عليه

6. الارتداد عن الوصية

في الكتاب آيات عديدة عن الارتداد، جميعها تشمل غير المؤمنين، كما قال بطرس عن الأنبياء والمعلمين الكذبة الذين يدسون بدع هلاك"لأنه كان خيرا لهم لو لم يعرفوا طريق البر، من أنهم بعدما عرفوا يرتدون عن الوصية المقدسة المسلمة لهم"2بط2: 21.  وقال بولس"ولكن الروح يقول صريحا انه في الأزمنة الأخيرة يرتد قوم عن الإيمان تابعين أرواحا مضلة وتعاليم شياطين، في رياء أقوال كاذبة موسومة ضمائرهم"1تي4: 1و2. 

لم يكن هؤلاء في يوم من الأيام من أبناء الحياة ثم انكروا إيمانهم فخسروا خلاصهم، بل كانوا ولا يزالوا من أبناء الظلمة والهلاك. فارتداد أمثال هؤلاء دليل على عدم وجود الإيمان الحقيقي في قلوبهم من البداية

7. ضمان الأبدية

 ورد في العبرانيين"أما البار فبالإيمان يحيا. وان ارتد لا تسر به نفسي"عب10: 38.  المرتد هنا ليس هو البار، بدليل ما قاله الروح بعد ذلك"وأما نحن فلسنا من الارتداد للهلاك، بل من الإيمان لاقتناء النفس"عب10: 39.  كان العبرانيون يعتبرون أنفسهم أبرارا بحسب مفهوم البر بالناموس والأعمال في الديانة اليهودية. فشرح لهم الفرق الشاسع بين الديانة اليهودية والإيمان المسيحي، مؤكدا أن بر الناموس لم يعد مجديا بعد الصليب، بل أن البر الذي يرضي الله أصبح فقط بر الإيمان بالمسيح الفادي. وفي نفس الرسالة يؤكد"فانه إن أخطأنا باختيارنا لا تبقى بعد ذبيحة عن الخطايا. بل قبول دينونة مخيف وغيرة نار عتيدة أن تأكل المضادين"عب10: 26. فهؤلاء سيدانون كمرتدين لا لأنهم تراجعوا عن إيمان حقيقي كان لديهم، بل لأنهم لم يقبلوا من الأصل الإيمان بالمسيح بعدما عرفوا الحقيقة.

8. لا سلطان للخطية

هناك حقيقة مهمة هي انه لا سلطة للخطية على المؤمن الحقيقي "إذا، إن كان احد في المسيح فهو خليقة جديدة. الأشياء العتيقة قد مضت. هوذا الكل قد صار جديدا"2كو5: 17، فالمؤمن اخذ حياة المسيح ولن يهلك لأن"الله الذي هو غني في الرحمة، من اجل محبته الكثيرة التي أحبنا بها، ونحن أموات بالخطايا أحيانا مع المسيح...وأقامنا معه وأجلسنا معه في السماويات في المسيح يسوع"اف2: 4- 6 فكنيسة المسيح التي أخذت حياته جالسة الآن معه وفيه روحيا في السماويات، ولا يستطيع احد أن يؤثر على مكانة أي عضو في هذه الكنيسة. كيف يمكن أن يهلك احد أعضائها؟ لن تقوي قوى الشر علي إخراج المؤمن من دائرة الخلاص"ناموس روح الحياة في المسيح يسوع قد اعتقني من ناموس الخطية والموت. لأنه ما كان الناموس عاجزا عنه في ما كان ضعيفا بالجسد، فالله اذ أرسل ابنه في شبه جسد الخطية، ولأجل الخطية، دان الخطية في الجسد" رو 8: 2و3.

 قانون التعامل الإلهي بعد الصليب مع المؤمن أصبح قانون الحياة والرجاء والفداء والغفران والشفاعة والتأديب، الذي أبطل فاعلية قانون الخطية والموت والدينونة والجسد والناموس والأعمال "وأما الآن إذ أعتقتم من الخطية وصرتم عبيدا لله فلكم ثمركم للقداسة والنهاية حياة أبدية"رو6: 22

9. قبل الأزمنة الأزلية

يقول الكتاب"..الله، الذي خلصنا ودعانا دعوة مقدسة لا بمقتضى أعمالنا بل بمقتضى القصد والنعمة التي أعطيت لنا في المسيح يسوع الذي أبطل الموت وأنار الحياة والخلود بواسطة الإنجيل"2تي 1: 9و10.